Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 67, Ayat: 6-12)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ } أي ولكل من كفر بالله من الشياطين وغيرهم { عَذَابُ جَهَنَّمَ } ليس الشياطين المرجومين مخصوصين بذلك . وقرىء « عذاب جهنم » بالنصب عطفاً على عذاب السعير { إِذَا أُلْقُواْ فِيهَا } أي طرحوا كما يطرح الحطب في النار العظيمة ، ويرمىٰ به . ومثله قوله تعالى { حَصَبُ جَهَنَّمَ } الأنبياء 98 . { سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقًا } إمّا لأهلها ممن تقدم طرحهم فيها . أو من أنفسهم ، كقوله { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } هود 106 وإما للنار تشبيهاً لحسيسها المنكر الفظيع بالشهيق { وَهِىَ تَفُورُ } تغلي بهم غليان المرجل بما فيه . وجعلت كالمغتاظة عليهم لشدة غليانها بهم ، ويقولون فلان يتميز غيظاً ويتقصف غضباً ، وغضب فطارت منه شقة في الأرض وشقة في السماء إذا وصفوه بالإفراط فيه . ويجوز أن يراد غيظ الزبانية { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } توبيخ يزدادون به عذاباً إلى عذابهم وحسرة إلى حسرتهم . وخزنتها مالك وأعوانه من الزبانية { قَالُواْ بَلَىٰ } اعتراف منهم بعدل الله ، وإقرار بأن الله عز وعلا أزاح عللهم ببعثه الرسل وإنذارهم ما وقعوا فيه ، وأنهم لم يؤتوا من قدره كما تزعم المجبرة وإنما أتوا من قبل أنفسهم ، واختيارهم خلاف ما اختار الله وأمر به وأوعد على ضده . فإن قلت { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ كَبِيرٍ } من المخاطبون به ؟ قلت هو من جملة قول الكفار وخطابهم للمنذرين ، على أنّ النذير بمعنى الإنذار . والمعنى ألم يأتكم أهل نذير . أو وصف منذروهم لغلوهم في الإنذار ، كأنهم ليسوا إلا إنذاراً وكذلك { قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ } ونظيره قوله تعالى { إِنَّا رَسُولُ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } الشعراء 16 أي حاملاً رسالته . ويجوز أن يكون من كلام الخزنة للكفار على إرادة القول أرادوا حكاية ما كانوا عليه من ضلالهم في الدنيا . أو أرادوا بالضلال الهلاك . أو سموا عقاب الضلال باسمه . أو من كلام الرسل لهم حكوه الخزنة ، أي قالوا لنا هذا فلم نقبله { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ } الإنذار سماع طالبين للحق . أي نعقله عقل متأمّلين . وقيل إنما جمع بين السمع والعقل لأنّ مدار التكليف على أدلة السمع والعقل . ومن بدع التفاسير أنّ المراد لو كنا على مذهب أصحاب الحديث أو على مذهب أصحاب الرأي ، كأنّ هذه الآية نزلت بعد ظهور هذين المذهبين ، وكأن سائر أصحاب المذاهب والمجتهدين قد أنزل الله وعيدهم ، وكأن من كان من هؤلاء فهو من الناجين لا محالة وعدّة المبشرين من الصحابة عشرة ، لم يضم إليهم حادي عشر ، وكأن من يجوز على الصراط أكثرهم لم يسمعوا باسم هذين الفريقين { بِذَنبِهِمْ } بكفرهم في تكذيبهم الرسل { فَسُحْقًا } قرىء بالتخفيف والتثقيل ، أي فبعداً لهم ، اعترفوا أو جحدوا فإنّ ذلك لا ينفعهم .