Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 168-169)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَطَّعْنَـٰهُمْ فِي ٱلاْرْضِ أُمَمًا } وفرّقناهم فيها ، فلا يكاد يخلو بلد من فرقة منهم { مّنْهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ } الذين آمنوا منهم بالمدينة ، أو الذين وراء الصين { وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ } ومنهم ناس دون ذلك الوصف منحطون عنه ، وهم الكفرة والفسقة . فإن قلت ما محل دون ذلك ؟ قلت الرفع ، وهو صفة لموصوف محذوف ، معناه ومنهم ناس منحطون عن الصلاح ، ونحوه { وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } الصافات 64 بمعنى وما منا أحد إلاّ له مقام { وَبَلَوْنَـٰهُمْ بِٱلْحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيّئَاتِ } بالنعم والنقم { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } فينيبون { فَخَلَفَ } من بعد المذكورين { خَلْفٌ } وهم الذين كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَرِثُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } التوراة بقيت في أيديهم بعد سلفهم يقرؤنها ويقفون على ما فيها من الأوامر والنواهي والتحليل والتحريم ، ولا يعملون بها { يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلاْدْنَىٰ } أي حطام هذا الشيء الأدنى ، يريد الدنيا وما يتمتع به منها . وفي قوله { هَـٰذَا ٱلأدْنَىٰ } تخسيس وتحقير . والأدنى إما من الدنوّ بمعنى القرب ، لأنه عاجل قريب ، وإما من دنوّ الحال وسقوطها وقلتها ، والمراد ما كانوا يأخذونه من الرشا في الأحكام على تحريف الكلم للتسهيل على العامة { وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا } لا يؤاخذنا الله بما أخذنا . وفاعل { سَيُغْفَرُ } الجار والمجرور ، وهو { لَنَا } ويجوز أن يكون الأخذ الذي هو مصدر يأخذون { وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ } الواو للحال ، أي يرجون المغفرة وهم مصرون عائدون إلى مثل فعلهم ، غير تائبين . وغفران الذنوب لا يصحّ إلاّ بالتوبة ، والمصر لا غفران له { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مّيثَاقُ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني قوله في التوراة من ارتكب ذنباً عظيماً فإنه لا يغفر له إلاّ بالتوبة { وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ } في الكتاب من اشتراط التوبة في غفران الذنوب ، والذي عليه المجبرة هو مذهب اليهود بعينه كما ترى . وعن مالك بن دينار رحمه الله ، يأتي على الناس زمان إن قصروا عما أمروا به ، قالوا سيغفر لنا ، لأنا لم نشرك بالله شيئاً ، كل أمرهم إلى الطمع ، خيارهم فيهم المداهنة ، فهؤلاء من هذه الأمّة أشباه الذين ذكرهم الله ، وتلا الآية { وَٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ } من ذلك العرض الخسيس { لّلَّذِينَ يَتَّقُونَ } الرشا ومحارم الله . وقرىء « « ورثوا الكتاب » ، وإلاّ تقولوا ، بالتاء . وادّارسو ، بمعنى تدارسوا . وأفلا تعقلون ، بالياء والتاء . فإن قلت ما موقع قوله { أَلا يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } ؟ قلت هو عطف بيان لميثاق الكتاب . ومعنى ميثاق الكتاب . الميثاق المذكور في الكتاب . وفيه أن إثبات المغفرة بغير توبة خروج عن ميثاق الكتاب وافتراء على الله . وتقوّل عليه ما ليس بحق . وإن فسر ميثاق الكتاب بما تقدم ذكره كان { أَن لاَّ يِقُولُواْ } مفعولاً له . ومعناه لئلا يقولوا . ويجوز أن تكون { أَن } مفسرة ، و { لاَ تَقُولُواْ } نهياً ، كأنه قيل ألم يقل لهم لا تقولوا على الله إلاّ الحق ؟ فإن قلت علام عطف قوله { وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ } ؟ قلت على { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم } ، لأنه تقرير ، فكأنه قيل أخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا ما فيه .