Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 175-176)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ } على اليهود { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِى ءاتَيْنَـٰهُ ءايَـٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنْهَا } هو عالم من علماء بني إسرائيل . وقيل من الكنعانيين ، اسمه بلعم بن باعوراء أوتي علم بعض كتب الله { فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا } من الآيات ، بأن كفر بها ونبذها وراء ظهره { فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } فلحقه الشيطان وأدركه وصار قريناً له . أو فأتبعه خطواته . وقرىء « فاتبعه » بمعنى فتبعه { فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } فصار من الضالين الكافرين . روي أن قومه طلبوا إليه أن يدعو على موسى ومن معه فأبى وقال كيف أدعو على من معه الملائكة ، فألحوا عليه ولم يزالوا به حتى فعل { وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَـٰهُ بِهَا } لعظمناه ورفعناه إلى منازل الأبرار من العلماء بتلك الآيات { وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ } مال إلى الدنيا ورغب فيها . وقيل مال إلى السفالة . فإن قلت كيف علق رفعه بمشيئة الله تعالى ولم يعلق بفعله الذي يستحق به الرفع قلت المعنى . ولو لزم العمل بالآيات ولم ينسلخ منها لرفعناه بها . وذلك أن مشيئة الله تعالى رفعه تابعة للزومه الآيات فذكرت المشيئة . والمراد ما هي تابعة له ومسببة عنه كأنه قيل ولو لزمها لرفعناه بها . ألا ترى إلى قوله { وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلاْرْضِ } فاستدرك المشيئة بإخلاده الذي هو فعله ، فوجب أن يكون { وَلَوْ شِئْنَا } في معنى ما هو فعله ، ولو كان الكلام على ظاهره لوجب أن يقال ولو شئنا لرفعناه ولكنا لم نشأ { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ } فصفته التي هي مثل في الخسّة والضعة كصفة الكلب في أخسّ أحواله وأذلها وهي حال دوام اللهث به واتصاله ، سواء حمل عليه - أي شدّ عليه وهيج فطرد - أو ترك غير متعرّض له بالحمل عليه . وذلك أنّ سائر الحيوان لا يكون منه اللهث إلاّ إذا هيج منه وحرّك ، وإلاّ لم يلهث ، والكلب يتصل لهثه في الحالتين جميعاً ، وكان حق الكلام أن يقال ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض فحططناه ووضعنا منزلته ، فوضع قوله { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ } موضع حططناه أبلغ حط لأن تمثيله بالكلب في أخس أحواله وأذلها في معنى ذلك . وعن ابن عباس رضي الله عنه ، الكلب منقطع الفؤاد ، يلهث إن حمل عليه أو لم يحمل عليه . وقيل معناه إن وعظته فهو ضال وإن لم تعظه فهو ضال ، كالكلب إن طردته فسعى لهث ، وإن تركته على حاله لهث . فإن قلت ما محل الجملة الشرطية ؟ قلت النصب على الحال ، كأنه قيل كمثل الكلب ذليلاً دائم الذلة لاهثاً في الحالتين . وقيل لما دعا بلعم على موسى عليه السلام خرج لسانه فوقع على صدره ، وجعل يلهث كما يلهث الكلب { ذٰلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِئَايَـٰتِنَا } من اليهود بعد ما قرؤا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ، وذكر القرآن المعجز وما فيه ، وبشروا الناس باقتراب مبعثه ، وكانوا يستفتحون به { فَٱقْصُصِ } قصص بلعم الذي هو نحو قصصهم { لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } فيحذرون مثل عاقبته ، إذا ساروا نحو سيرته ، وزاغوا شبه زيغه ، ويعلمون أنك علمته من جهة الوحي فيزدادوا إيقاناً بك وتزداد الحجة لزوماً لهم .