Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 189-190)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } وهي نفس آدم عليه السلام { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } وهي حواء ، خلقها من جسد آدم من ضلع من أضلاعه . أو من جنسها كقوله { جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } النمل 72 { لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } ليطمئن إليها ويميل ولا ينفر لأن الجنس إلى الجنس أميل وبه آنس ، وإذا كانت بعضاً منه كان السكون والمحبة أبلغ ، كما يسكن الإنسان إلى ولده ويحبه محبة نفسه لكونه بضعة منه . وقال { لِيَسْكُنَ } فذكر بعد ما أنث في قوله « واحدة » « منها زوجها » ، ذهابا إلى معنى النفس ليبين أن المراد بها آدم . ولأن الذكر هو الذي يسكن إلى الأنثى ويتغشاها ، فكان التذكير أحسن طباقاً للمعنى . والتغشي كناية عن الجماع ، وكذلك الغشيان والإتيان { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا } خف عليها ، ولم تلق منه ما يلقى بعض الحبالي من حملهن من الكرب والأذى ، ولم تستثقله كما يستثقلنه . وقد تسمع بعضهن تقول في ولدها ما كان أخفه على كبدي حين حملته { فَمَرَّتْ بِهِ } فمضت به إلى وقت ميلاده من غير إخداج ولا إزلاق وقيل { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا } يعني النطفة { فَمَرَّتْ بِهِ } فقامت به وقعدت . وقرأ ابن عباس رضي الله عنه « فاستمرت به » وقرأ يحيى بن يعمر « فمرت به » بالتخفيف . وقرأ غيره « فمارت به » من المرية ، كقوله { أَفَتُمَـٰرُونَهُ } وأفتمرونه . ومعناه فوقع في نفسها ظن الحمل ، فارتابت به . { فَلَمَّا أَثْقَلَت } حان وقت ثقل حملها كقولك أقربت . وقرىء « أُثقلت » ، على البناء للمفعول أي أثقلها الحمل { دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا } دعا آدم وحواء رَبَّهما ومالِكَ أمرهما الذي هو الحقيقي بأن يدعى ويلتجأ إليه فقالا { لَئِنْ ءاتَيْتَنَا } لئن وهبت لنا { صَـٰلِحاً } ولداً سوياً قد صلح بدنه وبرىء . وقيل ولداً ذكراً ، لأن الذكورة من الصلاح والجودة . والضمير في { ءَاتَيْتَنَا } و { لَّنَكُونَنَّ } . لهما ولكل من يتناسل من ذريتهما { فَلَمَّا ءاتَـٰهُمَا } ما طلباه من الولد الصالح السويّ { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء } أي جعل أولادهما له شركاء ، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، وكذلك { فِيمَا ءاتَـٰهُمَا } أي آتى أولادهما ، وقد دلّ على ذلك بقوله { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } حيث جمع الضمير . وآدم وحواء بريئان من الشرك . ومعنى إشراكهم فيما آتاهم الله تسميتهم أولادهم بعبد العزى وعبد مناة ، وعبد شمس وما أشبه ذلك ، مكان عبد الله وعبد الرحمٰن وعبد الرحيم . ووجه آخر وهو أن يكون الخطاب لقريش الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم آل قصي ألا ترى إلى قوله في قصة أم معبد . @ فَيَا لَقُصَيّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُم بِهِ مِنْ فَخَارٍ لاَ يُبَارَى وَسُودَدِ @@ ويراد هو الذي خلقكم من نفس قصيّ ، وجعل من جنسها زوجها عربية قرشية ليسكن إليها ، فلما آتاهما ما طلبا من الولد الصالح السويّ جعلا له شركاء فيما آتاهما ، حيث سميا أولادهما الأربعة بعبد مناف وعبد العزى وعبد قصيّ وعبد الدار ، وجعل الضمير في { يُشْرِكُونَ } لهما ولأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك ، وهذا تفسير حسن لا إشكال فيه . وقرىء « شركا » ، أي ذوي شرك وهم الشركاء ، أو أحدثا لله شركاً في الولد .