Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 80-84)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلُوطًا } وأرسلنا لوطاً . و { إِذْ } ظرف لأرسلنا . واذكر لوطاً ، وإذ بدل منه ، بمعنى واذكر وقت { قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } أتفعلون السيئة المتمادية في القبح { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا } ما عملها قبلكم ، والباء للتعدية من قولك سبقته بالكرة ، إذا ضربتها قبله . ومنه قوله عليه الصلاة و السلام 396 " سبقك بها عكاشة " { مِنْ أَحَدٍ مّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } « من » الأولى زائدة لتوكيد النفي وإفادة معنى الاستغراق ، والثانية للتبعيض . فإن قلت ما موقع هذه الجملة ؟ قلت هي جملة مستأنفة ، أنكر عليهم أوّلاً بقوله { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } ثم وبخهم عليها فقال أنتم أوّل من عملها . أو على أنه جواب لسؤال مقدّر ، كأنهم قالوا لما لانأتيها ؟ فقال ما سبقكم بها أحد ، فلا تفعلوا ما لم تسبقوا به { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرّجَالَ } بيان لقوله أتأتون الفاحشة . والهمزة مثلها في { أَتَأْتُونَ } للإنكار والتعظيم . وقرىء « إنكم » على الإخبار المستأنف لتأتون الرجال ، من أتى المرأة إذا غشيها { شَهْوَةً } مفعول له ، أي للاشتهاء لا حامل لكم عليه إلاّ مجرّد الشهوة من غير داع آخر ، ولا ذمّ أعظم منه ، لأنه وصف لهم بالبهيمية ، و أنه لا داعي لهم من جهة العقل البتة كطلب النسل ونحوه أو حال بمعنى مشتهين تابعين للشهوة غير ملتفتين إلى السماجة { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } أضرب عن الإنكار إلى الإخبار عنهم بالحال التي توجب ارتكاب القبائح وتدعو إلى اتباع الشهوات وهو أنهم قوم عادتهم الإسراف وتجاوز الحدود في كل شيء ، فمن ثم أسرفوا في بعض قضاء الشهوة ، حتى تجاوزوا المعتاد إلى غير المعتاد . ونحوه { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } الشعراء 166 . { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُواْ } يعني ما أجابوه بما يكون جواباً عما كلمهم به لوط عليه السلام ، من إنكار الفاحشة ، وتعظيم أمرها ، ووسمهم بسمة الإسراف الذي هو أصل الشرّ كله ، لكنهم جاؤا بشيء آخر لا يتعلق بكلامه ونصيحته ، من الأمر بإخراجه ومن معه من المؤمنين من قريتهم ، ضجراً بهم وبما يسمعونهم من وعظهم ونصحهم . وقولهم { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } سخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش ، وافتخاراً بما كانوا فيه من القذارة ، كما يقول الشطار من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم أبعدوا عنا هذا المتقشف ، وأريحونا من هذاالمتزهد { وَأَهْلَهُ } ومن يختصّ به من ذويه أو من المؤمنين { مِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ } من الذين غبروا في ديارهم ، أي بقوا فهلكوا . والتذكير لتغليب الذكور على الإناث . وكانت كافرة موالية لأهل سدوم . وروي أنها التفتت فأصابها حجر فماتت . وقيل كانت المؤتفكة خمس مدائن . وقيل كانوا أربعة آلاف بين الشام والمدينة ، فأمطر الله عليهم الكبريت والنار . وقيل خسف بالمقيمين منهم ، وأمطرت الحجارة على مسافريهم وشذاذهم . وقيل أمطر عليهم ثم خسف بهم . وروي أن تاجراً منهم كان في الحرم فوقف له الحجر أربعين يوماً حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه . فإن قلت أي فرق بين مطر وأمطر ؟ قلت يقال مطرتهم السماء وواد ممطور . وفي نوابغ الكلم حرى غير ممطور . وحرى أن يكون غير ممطور ومعنى مطرتهم أصابتهم المطر ، كقولهم غاثتهم ووبلتهم وجادتهم ورهمتهم . ويقال أمطرت عليهم كذا ، بمعنى أرسلته عليهم إرسال المطر { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ ٱلسَّمَاء } الأنفال 32 ، { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ } هود 82 . ومعنى { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } وأرسلنا عليهم نوعاً من المطر عجيباً يعني الحجارة . ألا ترى إلى قوله { فَسَاء مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } الأعراف 84 .