Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 1-18)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ضمن { سَأَلَ } معنى دعا ، فعدّي تعديته ، كأنه قيل دعا داع { بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } من قولك دعا بكذا . إذا استدعى وطلبه . ومنه قوله تعالى { يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ } الدخان55 وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما هو النضر بن الحرث قال إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . وقيل هو رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، استعجل بعذاب للكافرين . وقرىء « سال سائل » وهو على وجهين إما أن يكون من السؤال وهي لغة قريش ، يقولون سلت تسأل ، وهما يتسايلان وأن يكون من السيلان . ويؤيده قراءة ابن عباس « سال سيل » ، والسيل مصدر في معنى السائل ، كالغور بمعنى الغائر . والمعنى اندفع عليهم وادي عذاب فذهب بهم وأهلكهم . وعن قتادة سأل سائل عن عذاب الله على من ينزل وبمن يقع ؟ فنزلت ، وسأل على هذا الوجه مضمن معنى عنى واهتم فإن قلت بم يتصل قوله { لِّلْكَـٰفِرِينَ } قلت هو على القول الأوّل متصل بعذاب صفة له ، أي بعذاب واقع كائن للكافرين ، أو بالفعل ، أي دعا للكافرين بعذاب واقع ، أو بواقع أي بعذاب نازل لأجلهم ، وعلى الثاني هو كلام مبتدأ جواب للسائل ، أي هو للكافرين . فإن قلت فقوله { مِّنَ ٱللَّهِ } بم يتصل ؟ قلت يتصل بواقع ، أي واقع من عنده ، أو بدافع بمعنى ليس له دافع من جهته إذا جاء وقته وأوجبت الحكمة وقوعه { ذِي ٱلْمَعَارِجِ } ذي المصاعد جمع معرج ، ثم وصف المصاعد وبعد مداها في العلو والارتفاع فقال { تَعْرُجُ ٱلْمَلَـٰۤئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ } إلى عرشه وحيث تهبط منه أوامره { فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ } كمقدار مدة { خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } مما يعد الناس . والروح . جبريل عليه السلام ، أفرده لتميزه بفضله . وقيل الروح خلق هم حفظة على الملائكة ، كما أنّ الملائكة حفظة على الناس . فإن قلت بم يتعلق قوله { فَٱصْبِرْ } ؟ قلت بسأل سائل لأنّ استعجال النصر بالعذاب إنما كان على وجه الاستهزاء برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والتكذيب بالوحي ، وكان ذلك مما يضجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بالصبر عليه ، وكذلك من سأل عن العذاب لمن هو ، فإنما سأل على طريق التعنت ، وكان من كفار مكة . ومن قرأ « سال سائل » أو سيل ، فمعناه جاء العذاب لقرب وقوعه ، فاصبر فقد شارفت الانتقام ، وقد جعل { فِى يَوْمٍ } من صلة { وَاقِعٍ } أي يقع في يوم طويل مقداره خمسون ألف سنة من سنيكم ، وهو يوم القيامة إما أن يكون استطالة له لشدّته على الكفار ، وإما لأنه على الحقيقة كذلك . قيل فيه خمسون موطناً كل موطن ألف سنة ، وما قدر ذلك على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر . الضمير في { يَرَوْنَهُ } للعذاب الواقع ، أو ليوم القيامة فيمن علق في يوم بواقع أي يستبعدونه على جهة الإحالة نحن { نَرَاهُ قَرِيبًا7 } هيناً في قدر في قدرتنا غير بعيد علينا ولا متعذر ، فالمراد بالبعيدالبعيد من الإمكان ، وبالقريب القريب منه نصب { يَوْمَ تَكُونُ } بقريباً ، أي يمكن ولا يتعذر في ذلك اليوم . أو بإضمار يقع ، لدلالة واقع عليه أو يوم تكون السماء كالمهل . كان كيت وكيت . أو هو بدل عن في يوم فيمن علقه بواقع { كَٱلْمُهْلِ } كدردي الزيت . وعن ابن مسعود كالفضة المذابة في تلوّنها { كالعهن } كالصوف المصبوغ ألواناً لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ، فإذا بست وطيرت في الجو أشبهت العهن المنقوش إذا طيرته الريح { وَلاَ يَسْـئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً10 } أي لا يسأله بكيف حالك ولا يكلمه ، لأن بكل أحد ما يشغله عن المساءلة { يُبَصَّرُونَهُمْ } أي يبصر الأحماء الأحماء ، فلا يخفون عليهم ، فما يمنعهم من المساءلة أنّ بعضهم لا يبصر بعضاً ، وإنما يمنعهم التشاغل وقرىء « يبصرونهم » وقرىء « ولا يسئل » على البناء للمفعول ، أي لا يقال لحميم أين حميمك ولا يطلب منه لأنهم يبصرونهم فلا يحتاجون إلى السؤال والطلب . فإن قلت ما موقع يبصرونهم ؟ قلت هو كلام مستأنف ، كأنه لما قال { وَلاَ يَسْـئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً 10 } قيل لعله لا يبصره ، فقيل يبصرونهم ولكنهم لتشاغلهم لم يتمكنوا من تساؤلهم . فإن قلت لم جمع الضميران في { يُبَصَّرُونَهُمْ } وهما للحميمين ؟ قلت المعنى على العموم لكل حميمين لا لحميمين اثنين . ويجوز أن يكون { يُبَصَّرُونَهُمْ } صفة ، أي حميماً مبصرين معرّفين إياهم . قرىء « يومئذ » بالجرّ والفتح على البناء للإضافة إلى غير متمكن ، ومن عذاب يومئذ ، بتنوين عذاب ونصب { يَوْمَئِذٍ } وانتصابه بعذاب . لأنه في معنى تعذيب { وَفَصِيلَتِهِ } عشيرته الأدنون الذين فصل عنهم { تُئْـوِيهِ } تضمه انتماء إليها ، أو لياذاً بها في النوائب . { يُنجِيهِ } عطف على يفتدي ، أي يودّ لو يفتدى ، ثم لو ينجيه الافتداء . أو من في الأرض . وثم لاستبعاد الإنجاء ، يعني تمنى لو كان هؤلاء جميعاً تحت يده وبذلهم في فداء نفسه ، ثم ينجيه ذلك وهيهات أن ينجيه { كَلاَّ } ردّع للمجرم عن الودادة ، وتنبيه على أنه لا ينفعه الافتداء ولا ينجيه من العذاب ، ثم قال { إِنَّهَا } والضمير للنار ، ولم يجر لها ذكر لأنّ ذكر العذاب دل عليها . ويجوز أن يكون ضميراً مبهماً ترجم عنه الخبر ، أو ضمير القصة . و { لَظَىٰ } علم للنار ، منقول من اللظى بمعنى اللهب . ويجوز أن يراد اللهب . و { نَزَّاعَةً } خبر بعد خبر لأنّ أو خبر للظى إن كانت الهاء ضمير القصة ، أو صفة له إن أردت اللهب ، والتأنيث لأنه في معنى النار . أو رفع على التهويل ، أي هي نزاعة . وقرىء « نزاعة » بالنصب على الحال المؤكدة ، أو على أنها متلظية نزاعة أو على الاختصاص للتهويل . والشوى الأطراف أو جمع شواة وهي جلدة الرأس تتزعها نزعاً فتبتكها ؟ ثم تعاد { تَدْعُواْ } مجاز عن إحضارهم ، كأنها تدعوهم فتحضرهم . ونحوه قول ذي الرمّة @ … تَدْعُو أَنْفَهُ الرِّببُ @@ وقوله @ لَيَالِى اللَّهْوِ يُطْبِينِي فَأَتْبَعُهُ @@ وقول أبي النجم @ تَقُولُ للِرَّائِدِ أَعْشَبْت َانْزِلِ @@ وقيل تقول لهم إليّ إليّ يا كافر يا منافق . وقيل تدعو المنافقين والكافرين بلسان فصيح ثم تلتقطهم التقاط الحب ، فيجوز أن يخلق الله فيها كلاماً كما يخلقه في جلودهم وأيديهم وأرجلهم ، وكما خلقه في الشجرة ويجوز أن يكون دعاء الزبانية . وقيل تدعو تهلك ، من قول العرب دعاك الله ، أي أهلكك . قال @ دَعَاكَ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ بِأفْعَى @@ { مَنْ أَدْبَرَ } عن الحق { وَتَوَلَّىٰ } عنه وجمع المال فجعله في وعاء وكنزه ولم يؤدّ الزكاة والحقوق الواجبة فيه ، وتشاغل به عن الدين وزهى بإقتنائه وتكبر .