Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 70, Ayat: 19-35)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أريد بالإنسان الناس فلذلك استثنى منه إلا المصلين . والهلع سرعة الجزع عند مسّ المكروه وسرعة المنع عند مسّ الخير ، من قولهم ناقة هلواع سريعة السير . وعن أحمد بن يحيى ، قال لي محمد بن عبد اللَّه بن طاهر ما الهلع ؟ فقلت قد فسره اللَّه ، ولا يكون تفسير أبين من تفسيره ، وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدّة الجزع ، وإذا ناله خير بخل به ومنعه الناس والخير المال والغنى والشرّ الفقر . أو الصحة والمرض إذا صحّ الغني منع المعروف وشحّ بماله ، وإذا مرض جزع وأخذ يوصي . والمعنى أن الإنسان لإيثاره الجزع والمنع وتمكنهما منه ورسوخهما فيه ، كأنه مجبول عليهما مطبوع ، وكأنه أمر خلقي وضروري غير اختياري ، كقوله تعالى { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } الأنبياء 37 والدليل عليه أنه حين كان في البطن والمهد لم يكن به هلع ، ولأنه ذمّ والله لا يذمّ فعله ، والدليل عليه استثناء المؤمنين الذين جاهدوا أنفسهم وحملوها على المكاره وظلّفوها عن الشهوات ، حتى لم يكونوا جازعين ولا مانعين . وعن النبي صلى الله عليه وسلم . 1226 " شرّ ما أعطي ابن آدم شحّ هالع وجبن خالع " فإن قلت كيف قال { عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ } ثم على صلاتهم يحافظون ؟ قلت معنى دوامهم عليها أن يواظبوا على أدائها لا يخلون بها ولا يشتغلون عنها بشىء من الشواغل ، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم . 1227 " أفضل العمل أدومه وإن قلّ " وقول عائشة 1228 كان عمله ديمة . ومحافظتهم عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ومواقيتها ويقيموا أركانها ويكملوها بسنتها وآدابها ، ويحفظوها من الإحباط باقتراف المآثم ، فالدوام يرجع إلى أنفس الصلوات والمحافظة إلى أحوالها { حَقٌّ مَّعْلُومٌ } هو الزكاة ، لأنها مقدرة معلومة أو صدقة يوظفها الرجل على نفسه يؤديها في أوقات معلومة . السائل الذي يسأل { وَٱلْمَحْرُومِ } الذي يتعفف عن السؤال فيحسب غنياً فيحرم { يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } تصديقاً بأعمالهم واستعدادهم له ، ويشفقون من عذاب ربهم ، واعترض بقوله { إِنَّ عَذَابَ رَبّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } أي لا ينبغي لأحد وإن بالغ في الطاعة والاجتهاد أن يأمنه . وينبغي أن يكون مترجحاً بين الخوف والرجاء . قرىء « بشهادتهم » « وبشهاداتهم » والشهادة من جملة الأمانات . وخصها من بينها إبانة لفضلها ، لأنّ في إقامتها إحياء الحقوق وتصحيحها . وفي زيها تضييعها وإبطالها .