Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 1-5)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلْمُدَّثّرُ } لابس الدثار ، وهو ما فوق الشعار وهو الثوب الذي يلي الجسد . ومنه قوله عليه الصلاة والسلام 1243 " الأنصار شعار والناس دثار " وقيل هي أوّل سورة نزلت . وروى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 1244 " كنت على جبل حراء فنوديت يا محمد ، إنك رسول الله ، فنظرت عن يميني ويساري فلم أر شيئاً ، فنظرت فوقي فرأيت شيئا " وفي رواية عائشة " فنظرت فوقي فإذا به قاعد على عرش بين السماء والأرض " - يعني الملك الذي ناداه - " فرعبت ورجعت إلى خديجة فقلت دثروني دثروني ، فنزل جبريل وقال « يا أيها المدثر » " وعن الزهري 1245 أوّل ما نزل سورة { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبّكَ } إلى قوله { مَا لَمْ يَعْلَمْ } فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يعلو شواهق الجبال ، فأتاه جبريل فقال إنك نبيّ الله ، فرجع إلى خديجة وقال دثروني وصبوا عليّ ماء بارداً ، فنزل يا أيها المدثر . وقيل سمع من قريش ما كرهه فاغتم ، فتغطى بثوبه مفكراً كما يفعل المغموم . فأمر أن لا يدع إنذارهم وإن أسمعوه وآذوه . وعن عكرمة أنه قرأ على لفظ اسم المفعول . من دثره . وقال دثرت هذا الأمر وعصب بك ، كما قال في المزمّل قم من مضجعك أو قم قيام عزم وتصميم { فَأَنذِرْ } فحذر قومك من عذاب الله إن لم يؤمنوا . والصحيح أنّ المعنى فأفعل الإنذار من غير تخصيص له بأحد { وَرَبَّكَ فَكَبّرْ } واختص ربك بالتكبير وهو الوصف بالكبرياء وأن يقال الله أكبر . ويروى 1246 أنه لما نزل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « الله أكبر » فكبرت خديجة وفرحت ، وأيقنت أنه الوحي وقد يحمل على تكبير الصلاة ، ودخلت الفاء لمعنى الشرط كأنه قيل وما كان فلا تدع تكبيره { وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ } أمر بأن تكون ثيابه طاهرة من النجاسات لأنّ طهارة الثياب شرط في الصلاة لا تصح إلا بها ، وهي الأولى والأحب في غير الصلاة ، وقبيح بالمؤمن الطيب أن يحمل خبثاً . وقيل هو أمر بتقصيرها ، ومخالفة العرب في تطويلهم الثياب وجرهم الذيول ، وذلك ما لا يؤمن معه إصابة النجاسة . وقيل هو أمر بتطهير النفس مما يستقذر من الأفعال ويستهجن من العادات . يقال فلان طاهر الثياب وطاهر الجيب والذيل والأردان إذا وصفوه بالنقاء من المعايب ومدانس الأخلاق . وفلان دنس الثياب للغادر وذلك لأنّ الثوب يلابس الإنسان ويشتمل عليه ، فكنى به عنه . ألا ترى إلى قولهم أعجبني زيد ثوبه ، كما يقولون أعجبني زيد عقله وخلقه ، ويقولون المجد في ثوبه ، والكرم تحت حلته ولأنّ الغالب أنّ من طهر باطنه ونقاه عنى بتطهير الظاهر وتنقيته ، وأبى إلا اجتناب الخبث وإيثار الطهر في كل شيء « والرجز » قرىء بالكسر والضم ، وهو العذاب ، ومعناه اهجر ما يؤدي إليه من عبادة الأوثان وغيرها من المآثم . والمعنى الثبات على هجره لأنه كان بريئاً منه .