Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 38-48)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ رَهِينَةٌ } ليست بتأنيث رهين في قوله { كُلُّ ٱمْرِىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ } الطور 21 ، لتأنيث النفس لأنه لو قصدت الصفة لقيل رهين لأنّ فعيلاً بمعنى مفعول يستوى فيه المذكر والمؤنث ، وإنما هي اسم بمعنى الرهن ، كالشتيمة بمعنى الشتم ، كأنه قيل كل نفس بما كسبت رهن ، ومنه بيت الحماسة @ أبَعْدَ الَّذيِ بِالنَّعْفِ نَعْفِ كُوَيكِبٍ رَهِينَةِ رَمْس ذِي تُرَابٍ وَجَنْدَلِ @@ كأنه قال رهن رمس . والمعنى كل نفس رهن بكسبها عند بكسبها عند الله غير مفكوك { إِلاَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْيَمِينِ } فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم ، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق . وعن علي رضي الله عنه أنه فسر أصحاب اليمين بالأطفال ، لأنهم لا أعمال لهم يرتهنون بها . وعن ابن عباس رضي الله عنه هم الملائكة { فِى جَنَّـٰتٍ } أي هم في جنات لا يكتنه وصفها { يَتَسَاءلُونَ عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ } يسأل بعضهم بعضاً عنهم . أو يتساءلون غيرهم عنهم ، كقولك دعوته وتداعيناه . فإن قلت كيف طابق قوله { مَا سَلَكَكُمْ } وهو سؤال للمجرمين قوله { يَتَسَاءلُونَ عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ } وهو سؤال عنهم ؟ وإنما كان يتطابق ذلك لو قيل يتساءلون المجرمين ماسلككم قلت ماسلككم ليس ببيان للتساؤل عنهم ، وإنما هو حكاية قول المسؤولين عنهم لأنّ المسؤلين يلقون إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين ، فيقولون قلنا لهم { ماسلككم فِى سَقَرَ قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلّينَ } إلا أن الكلام جيء به على الحذف والاختصار ، كما هو نهج التنزيل في غرابة نظمه الخوض الشروع في الباطل وما لا ينبغي فإن قلت لم يسألونهم وهم عالمون بذلك قلت توبيخا لهم وتحسيراً ، وليكون حكاية الله ذلك في كتابه تذكرة للسامعين . وقد عضد بعضهم تفسير أصحاب اليمين بالأطفال أنهم إنما سألوهم لأنهم ولدان لا يعرفون موجب دخول النار . فإن قلت أيريدون أنّ كل واحد منهم بمجموع هذه الأربع دخل النار ، أم دخلها بعضهم بهذه وبعضهم بهذه ؟ قلت يحتمل الأمرين جميعاً . فإن قلت لم أخر التكذيب وهو أعظمها ؟ قلت أرادوا أنهم بعد ذلك كله كانوا مكذبين بيوم الدين تعظيماً للتكذيب . كقوله { ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } البلد 17 ، و { ٱلْيَقِينُ } الموت ومقدماته ، أي لو شفع لهم الشافعون جميعاً من الملائكة والنبيين وغيرهم لم تنفعهم شفاعتهم لأنّ الشفاعة لمن ارتضاه الله وهم مسخوط عليهم . وفيه دليل على أنّ الشفاعة تنفع يومئذ لأنها تزيد في درجات المرتضين .