Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 21-30)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المرصاد الحدّ الذي يكون فيه الرصد . والمعنى أن جهنم هي حدّ الطاغين الذي يرصدون فيه للعذاب وهي مآبهم . أو هي مرصاد لأهل الجنة ترصدهم الملائكة الذين يستقبلونهم عندها ، لأن مجازهم عليها ، وهي مآب للطاغين . وعن الحسن وقتادة نحوه ، قالا طريقاً وممرّاً لأهل الجنة . وقرأ ابن يعمر « أنّ جهنم » بفتح الهمزة على تعليل قيام الساعة بأنّ جهنم كانت مرصاداً للطاغين ، كأنه قيل كان ذلك لإقامة الجزاء . قرىء « لابثين » « ولبثين » واللبث أقوى ، لأنّ اللابث من وجد منه اللبث ، ولا يقال « لبث » إلا لمن شأنه اللبث ، كالذي يجثم بالمكان لا يكاد ينفك منه { أَحْقَاباً } حقباً بعد حقب ، كلما مضى حقب تبعه آخر إلى غير نهاية ، ولا يكاد يستعمل الحقب والحقبة إلا حيث يراد تتابع الأزمنة وتواليها ، والاشتقاق يشهد لذلك . ألا ترى إلى حقيبة الراكب ، والحقب الذي وراء التصدير وقيل الحقب ثمانون سنة ، ويجوز أن يراد لابثين فيها أحقاباً غير ذائقين فيها برداً ولا شراباً إلا حميماً وغساقاً ، ثم يبدلون بعد الأحقاب غير الحميم والغساق من جنس آخر من العذاب . وفيه وجه آخر وهو أن يكون من « حقب عامنا » إذا قل مطره وخيره ، وحقب فلان إذا أخطأه الرزق ، فهو حقب ، وجمعه أحقاب ، فينتصب حالا عنهم ، يعني لابثين فيها حِقبين جحدين . وقوله { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً24 } تفسير له والاستثناء منقطع ، يعني لا يذوقون فيها برداً وروحاً ينفس عنهم حرّ النار ، ولا شراباً يسكن من عطشهم ، ولكن يذوقون فيها حميماً وغساقاً وقيل « البرد » النوم ، وأنشد @ فَلَوْ شِئْتُ حَرَّمْتُ النِّسَاءَ سِوَاكُمُ وَإنْ شِئْتُ لَمْ أَطْعَمْ تَقَاخاً وَلاَ بَرْدَا @@ وعن بعض العرب منع البرد البرد . وقرىء « غساقاً » بالتخفيف والتشديد وهو ما يغسق ، أي يسيل من صديدهم { وِفَـاقاً } وصف بالمصدر . أو ذا وفاق . وقرأ أبو حيوة « وفاقاً » فعال من وفقه كذا « كذاباً » تكذيباً وفعال في باب فعل كله فاش في كلام فصحاء من العرب لا يقولون غيره وسمعنى بعضهم أفسر آية فقال لقد فسرتها فساراً ما سمع بمثله . وقرىء بالتخفيف ، وهو مصدر كذب ، بدليل قوله @ فَصَدَقْتُهَا وَكَذَبْتُهَا وَالمَرْءُ يَنْفَعُهُ كِذَابُهْ @@ وهو مثل قوله { أَنبَتَكُمْ مّنَ ٱلأَرْضِ نَبَاتاً } نوح 17 يعني وكذبوا بآياتنا فكذبوا كذاباً . أو تنصبه بكذبوا ، لأنه يتضمن معنى كذبوا ، لأنّ كل مكذب بالحق كاذب ، وإن جعلته بمعنى المكاذبة فمعناه وكذبوا بآياتنا ، فكاذبوا مكاذبة . أو كذبوا بها مكاذبين ، لأنهم إذا كانوا عند المسلمين كاذبين وكان المسلمون عندهم كاذبين فبينهم مكاذبة ، أو لأنهم يتكلمون بما هو إفراط في الكذب فعل من يغالب في أمر ، فيبلغ فيه أقصى جهده . وقرىء « كذاباً » وهو جمع كاذب ، أي كذبوا بآياتنا كاذبين وقد يكون الكذاب بمعنى الواحد البليغ في الكذب ، يقال رجل كذاب ، كقولك حسان ، وبخال فيجعل صفة لمصدر كذبوا ، أي تكذيباً كذاباً مفرطاً كذبه ، وقرأ أبو السمال وكل شيء أحصيناه ، بالرفع على الابتداء { كِتَـٰباً } مصدر في موضع إحصاء وأحصينا في معنى كتبنا ، لانتفاء الإحصاء ، والكتبة في معنى الضبط والتحصيل . أو يكون حالا في معنى مكتوباً في اللوح وفي صحف الحفظة . والمعنى إحصاء معاصيهم ، كقوله { أَحْصَـٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ } المجادلة 6 وهو اعتراض . وقوله { فَذُوقُواْ } مسبب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات ، وهي آية في غاية الشدّة ، وناهيك بلن نزيدكم ، وبدلالته على أن ترك الزيادة كالمحال الذي لا يدخل تحت الصحة . وبمجيئها على طريقة الالتفات شاهداً على أنّ الغضب قد تبالغ ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم 1263 " هذه الآية أشدّ ما في القرآن على أهل النار " .