Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 6-16)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فإن قلت كيف اتصل به قوله { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَـٰداً 6 } قلت لما أنكروا البعث قيل لهم ألم يخلق من يضاف إليه البعث هذه الخلائق العجيبة الدالة على كمال القدرة ، فما وجه إنكار قدرته على البعث ، وما هو إلا اختراع كهذه الاختراعات أو قيل لهم ألم يفعل هذه الأفعال المتكاثرة . والحكيم لا يفعل فعلا عبثاً ، وما تنكرونه من البعث والجزاء مؤدّ إلى أنه عابث في كل ما فعل { مِهَـٰداً } فراشاً . وقرىء « مهداً » ومعناه أنها لهم كالمهد للصبي وهو ما يمهد له فينوّم عليه ، تسمية للممهود بالمصدر ، كضرب الأمير . أو وصفت بالمصدر . أو بمعنى ذات مهد ، أي أرسيناها بالجبال كما يرسى البيت بالأوتاد { سُبَاتاً } موتاً . والمسبوت . الميت ، من السبت وهو القطع لأنه مقطوع عن الحركة . والنوم أحد التوفيين ، وهو على بناء الأدواء . ولما جعل النوم موتاً ، جعل اليقظة معاشاً ، أي حياة في قوله { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } النبأ 11 ، أي وقت معاش تستيقظون فيه وتتقلبون في حوائجكم ومكاسبكم . وقيل السبات الراحة { لِبَاساً } يستركم عن العيون إذا أردتم هرباً من عدوّ ، أو بياتاً له . أو إخفاء ما لا تحبون الاطلاع عليه من كثير من الأمور . @ وَكَمْ لِظَلاَمِ اللَّيْلِ عِنْدَكَ مِنْ يَدٍ تُخَبِّرُ أَنَّ المَانَوِيَّةَ تَكْذِبُ @@ { سَبْعاً } سبع سموات { شِدَاداً } جمع شديدة ، يعني محكمة قوية الخلق لا يؤثر فيها مرور الأزمان { وَهَّاجاً } متلألئا وقاداً ، يعني الشمس وتوهجت النار إذا تلمظت فتوهجت بضوئها وحرها . المعصرات السحائب إذا أعصرت ، أي شارفت أن تعصرها الرياح فتمطر ، كقولك أجز الزرع ، إذا حان له أن يجز . ومنه أعصرت الجارية إذا دنت أن تحيض . وقرأ عكرمة « بالمعصرات » ، وفيه وجهان أن تراد الرياح التي حان لها أن تعصر السحاب ، وأن تراد السحائب لأنه إذا كان الإنزال منها فهو بها ، كما تقول أعطى من يده درهما ، وأعطى بيده ، وعن مجاهد المعصرات الرياح ذوات الأعاصير . وعن الحسن وقتادة هي السموات . وتأويله أن الماء ينزل من السماء إلى السحاب ، فكأنّ السموات يعصرن ، أي يحملن على العصر ويمكنّ منه . فإن قلت فما وجه من قرأ . { مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ } وفسرها بالرياح ذوات الأعاصير ، والمطر لا ينزل من الرياح ؟ قلت الرياح هي التي تنشىء السحاب وتدرّ أخلافه فصحّ أن تجعل مبدأ للإنزال وقد جاء أنّ الله تعالى يبعث الرياح فتحمل الماء من السماء إلى السحاب ، فإن صحّ ذلك فالإنزال منها ظاهر ، فإن قلت ذكر ابن كيسان أنه جعل المعصرات بمعنى المغيثات ، والعاصر هو المغيث لا المعصر . يقال عصره فاعتصر . قلت وجهه أن يريد اللاتي أعصرن ، أي حان لها أن تعصر ، أي تغيث { ثَجَّاجاً } منصباً بكثرة يقال ثجه وثج نفسه وفي الحديث " أفضل الحج العجّ والثجّ " أي رفع الصوت بالتلبية ، وصب دماء الهدي . وكان ابن عباس مثجاً يسيل غرباً ، يعني أنه يثج الكلام ثجا في خطبته . وقرأ الأعرج « ثجاجاً » ومثاجج الماء مصابه ، والماء ينثجج في الوادي { حَبّاً وَنَبَاتاً } يريد ما يتقوّت من الحنطة والشعير وما يعتلف من التبن والحشيش ، كما قال { كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَـٰمَكُمْ } طه 54 ، و { وَٱلْحَبُّ ذُو ٱلْعَصْفِ وَٱلرَّيْحَانُ } الرحمٰن 12 . { أَلْفَافاً } ملتفة ولا واحد له ، كالأوزاع والأخياف . وقيل الواحد لف . وقال صاحب الإقليد أنشدني الحسن بن علي الطوسي @ جَنَّةٌ لِفٌّ وَعَيْشٌ مُغْدِقٌ ونَدَامَى كُلُّهُمْ بِيضٌ زُهُرْ @@ وزعم ابن قتيبة أنه لفاء ولف ، ثم ألفاف وما أظنه واجداً له نظيراً من نحو خضر وأخضار وحمر وأحمار ، ولو قيل هو جمع ملتفة بتقدير حذف الزوائد ، لكان قولاً وجيها .