Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 9-9)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فإن قلت بم يتعلق { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ } ؟ قلت هو بدل من { إِذْ يَعِدُكُمُ } الأنفال 7 وقيل بقوله { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَـٰطِلَ } واستغاثتهم أنهم لما علموا أنه لا بدّ من القتال ، طفقوا يدعون الله ويقولون أي ربنا انصرنا على عدوّك ، يا غياث المستغيثين أغثنا . وعن عمر رضي الله عنه 414 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى المشركين وهم ألف ، وإلى أصحابه وهم ثلثمائة ، فاستقبل القبلة ومدّ يديه يدعو " اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض - فما زال كذك حتى سقط رداؤه فأخذه أبو بكر رضي الله عنه فألقاه على منكبه والتزمه من ورائه ، وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك " { أَنّي مُمِدُّكُمْ } أصله بأني ممدكم ، فحذف الجار وسلط عليه استجاب فنصب محله . وعن أبي عمرو أنه قرأ « إني ممدكم » بالكسر ، على إرادة القول ، أو على إجراء استجاب مجرى { قَالَ } لأنّ الاستجابة من القول . فإن قلت هل قاتلت الملائكة يوم بدر ؟ قلت اختلف فيه ، فقيل 415 نزل جبريل في يوم بدر في خمسمائة ملك على الميمنة وفيها أبو بكر ، وميكائيل في خمسمائة على الميسرة وفيها عليّ بن أبي طالب في صور الرجال ، عليهم ثياب بيض وعمائم بيض وقد أرخوا أذنابها بين أكتافهم . فقاتلت وقيل قاتلت يوم بدر ولم تقاتل يوم الأحزاب ويوم حنين . وعن أبي جهل أنه قال لابن مسعود من أين كان ذلك الصوت الذي كنا نسمع ولا نرى شخصاً ؟ قال من الملائكة ، فقال أبو جهل هم غلبونا لا أنتم وروي 416 أنّ رجلاً من المسلمين بينما هو يشتد في أثر رجل من المشركين إذ سمع صوت ضربة بالسوط فوقه ، فنظر إلى المشرك قد خر مستلقياً وشقّ وجهه ، فحدث الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " صدقت ذاك من مدد السماء " وعن أبي داود المازني تبعت رجلاً من المشركين لأضربه يوم بدر فوقع رأسه بين يدي قبل أن يصل إليه سيفي ، وقيل لم يقاتلوا وإنما كانوا يكثرون السواد ويثبتون المؤمنين ، وإلا فملك واحد كاف في إهلاك أهل الدنيا كلهم ، فإنّ جبريل عليه السلام أهلك بريشة من جناحه مدائن قوم لوط ، وأهلك بلاد ثمود قوم صالح بصيحة واحدة . وقرىء « مردفين » بكسر الدال وفتحها ، من قولك ردفه إذا تبعه . ومنه قوله تعالى { رَدِفَ لَكُم بَعْضُ ٱلَّذِى تَسْتَعْجِلُونَ } النمل 72 بمعنى ردفكم . وأردفته إياه إذا أتبعته . ويقال أردفته ، كقولك أتبعته ، إذا جئت بعده ، فلا يخلو المكسور الدال من أن يكون بمعنى متبعين ، أو متبعين ، فإن كان بمعنى متبعين فلا يخلو من أن يكون بمعنى متبعين بعضهم بعضاً ، أو متبعين بعضهم لبعض ، أو بمعنى متبعين إياهم المؤمنين ، أي يتقدمونهم فيتبعونهم أنفسهم ، أو متبعين لهم يشيعونهم ويقدمونهم بين أيديهم وهم على ساقتهم ، ليكونوا على أعينهم وحفظهم . أو بمعنى متبعين أنفسهم ملائكة أخرين ، أو متبعين غيرهم من الملائكة ويعضد هذا الوجه قوله تعالى في سورة آل عمران { بِثَلاَثَةِ ءالاَفٍ مّنَ ٱلْمَلَـئِكَةِ مُنزَلِينَ } آل عمران 124 . { بِخَمْسَةِ ءالافٍ مّنَ ٱلْمَلَـئِكَةِ مُسَوّمِينَ } آل عمران 125 ومن قرأ « مردفين » بالفتح فهو بمعنى متبعين أو متبعين . وقرىء « مردّفين » ، بكسر الراء وضمها وتشديد الدال وأصله مرتدفين ، أي مترادفين أو متبعين ، من ارتدفه ، فأدغمت تاء الافتعال في الدال ، فالتقى ساكنان فحرّكت الراء بالكسر على الأصل ، أو على إتباع الدال . وبالضم على إتباع الميم . وعن السدي بآلاف من الملائكة . على الجمع ليوافق ما في سورة آل عمران . فإن قلت فبم يعتذر لمن قرأ على التوحيد ولم يفسر المردفين بإرداف الملائكة ملائكة آخرين ، والمردفين بارتدافهم غيرهم ؟ قلت بأن المراد بالألف من قاتل منهم . أو الوجوه منهم الذين من سواهم أتباع لهم .