Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 118-118)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلثَّلَـٰثَةِ } كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية . ومعنى { خُلّفُواْ } خلفوا عن الغزو وقيل عن أبي لبابة وأصحابه حين تيب عليهم بعدهم وقرىء « خلفوا » أي خلفوا الغازين بالمدينة ، أو فسدوا من الخالفة وخلوف الفم . وقرأ جعفر الصادق رضي الله عنه « خالفوا » . وقرأ الأعمش « وعلى الثلاثة المخلفين » { بِمَا رَحُبَتْ } برحبها ، أي مع سعتها ، وهو مثل للحيرة في أمرهم ، كأنهم لا يجدون فيها مكاناً يقرّون فيه قلقاً وجزعاً مما هم فيه { وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ } أي قلوبهم ، لا يسعها أنس ولا سرور لأنها حرجت من فرط الوحشة والغمّ { وَظَنُّواْ } وعلموا { أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ } سخط { ٱللَّهِ إِلاَّ } إلى استغفاره { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ } ثم رجع عليهم بالقبول والرحمة كرّة بعد أخرى ، ليستقيموا على توبتهم ويثبتوا وليتوبوا أيضاً فيما يستقبل إن فرطت منهم خطيئة ، علماً منهم أن الله تواب على من تاب ولو عاد في اليوم مائة مرة . روي أن ناساً من المؤمنين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . منهم من بدا له وكره مكانه فلحق به . عن الحسن بلغني أنه كان لأحدهم حائط كان خيراً من مائة ألف درهم فقال يا حائطاه ، ما خلفني إلاّ ظلك وانتظار ثمرك ، اذهب فأنت في سبيل الله . ولم يكن لآخر إلاّ أهله فقال يا أهلاه ما بطأني ولا خلفني إلاّ الضنّ بك لا جرم ، والله لأكابدنّ المفاوز حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فركب ولحق به . ولم يكن لآخر إلاّ نفسه لا أهل ولا مال ، فقال يا نفس ما خلفني إلاّ حبّ الحياة لك والله لأكابدنّ الشدائد حتى ألحق برسول الله ، فتأبط زاده ولحق به . قال الحسن كذلك والله المؤمن يتوب من ذنوبه ولا يصرّ عليها . 498 وعن أبي ذرّ الغفاري أن بعيره أبطأ به فحمل متاعه على ظهره واتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشياً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى سواده كن أبا ذرّ ، فقال الناس هو ذاك ، فقال " رحم الله أبا ذرّ ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده " 499 وعن أبي خيثمة أنه بلغ بستانه وكانت له امرأة حسناء ، فرشت له في الظلّ ، وبسطت له الحصير ، وقرّبت إليه الرطب والماء البارد ، فنظر فقال ظلّ ظليل ، ورطب يانع ، وماء بارد ، وامرأة حسناء ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الضحّ والريح . ما هذا بخير ، فقام فرحل ناقته وأخذ سيفه ورمحه ومرّ كالريح ، فمدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إلى الطريق ، فإذا براكب يزهاه السراب فقال « كن أبا خيثمة » فكانه . ففرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفر له . ومنهم من بقي لم يلحق به . منهم الثلاثة . 500 قال كعب لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت عليه فردّ عليّ كالمغضب بعد ما ذكرني وقال « ليت شعري ما خلف كعباً » ؟ فقيل له ما خلفه إلاّ حسن برديه والنظر في عطفيه . فقال معاذ بئس ما قلت والله يا رسول الله ما أعلم إلاّ فضلاً وإسلاماً ، ونهى عن كلامنا أيها الثلاثة ، فتنكر لنا الناس ولم يكلمنا أحد من قريب ولا بعيد ، فلما مضت أربعون ليلة أمرنا أن نعتزل نساءنا ولا نقربهنّ ، فلما تمت خمسون ليلة إذا أنا بنداء من ذروة سلع أبشر يا كعب بن مالك ، فخررت ساجداً وكنت كما وصفني ربي { ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ } وتتابعت البشارة ، فلبست ثوبي وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو جالس في المسجد وحوله المسلمين ، فقام إليّ طلحة بن عبيد الله حتى صافحني وقال لتهنك توبة الله عليك ، فلن أنساها لطلحة ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستنير استنارة القمر أبشر يا كعب بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمّك ، ثم تلا علينا الآية . وعن أبي بكر الورّاق أنه سئل عن التوبة النصوح ؟ فقال أن تضيق على التائب الأرض بما رحبت ، وتضيق عليه نفسه ، كتوبة كعب بن مالك وصاحبيه .