Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 37-37)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والنسىء تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر ، وذلك أنهم كانوا أصحاب حروب وغارات ، فإذا جاء الشهر الحرام وهم محاربون شقّ عليهم ترك المحاربة ، فيحلّونه ويحرّمون مكانه شهر آخر ، حتى رفضوا تخصيص الأشهر الحرم بالتحريم ، فكانوا يحرّمون من شقّ شهور العام أربعة أشهر وذلك قوله تعالى { لّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } أي ليوافقوا العدّة التي هي الأربعة ولا يخالفوها وقد خالفوا التخصيص الذي هو أحد الواجبين . وربما زادوا في عدد الشهور فيجعلونها ثلاثة عشر أو أربعة عشر ليتسع لهم الوقت . ولذلك قال عزّ وعلا { إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْرا } التوبة 36 يعني من غير زيادة زادوها . والضمير في يحلونه ، ويحرّمونه للنسىء . أي إذا أحلّوا شهراً من الأشهر الحرم عاماً ، رجعوا فحرّموه في العام القابل ، وروي أنه حدث ذلك في كنانة لأنهم كانوا فقراء محاويج إلى الغارة ، وكان جنادة بن عوف الكناني مطاعاً في الجاهلية ، وكان يقوم على جمل في الموسم فيقول بأعلى صوته إنّ آلهتكم قد أحلّت لكم المحرم فأحلوه ، ثم يقوم في القابل فيقول إنّ آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم فحرموه . جعل النسىء زيادة في الكفر ، لأن الكافر كلما أحدث معصية ازداد كفراً ، { فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ } التوبة 125 ، كما أن المؤمن إذا أحدث الطاعة ازداد إيماناً { فَزَادَتْهُمْ إِيمَـٰناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } التوبة 124 . وقرىء « يُضِل » على البناء للمفعول ، و « يَضَل » بفتح الياء والضاد ، و { يُضَلُّ } على أن الفعل لله عزّ وجلّ . وقرأ الزهري « ليوطئوا » بالتشديد . والنسىء مصدر نسأه إذا أخره . يقال نسأه ونسأ ونساء ونسيئاً ، كقولك مسه مساً ومساساً ومسيساً . وقرىء بهنّ جميعاً . وقرىء « النَسَى » بوزن الندى . و « النِسي » بوزن النهي ، وهما تخفيف النسىء والنسء . فإن قلت ما معنى قوله { فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } ؟ قلت معناه فيحلوا بمواطأة العدة وحدها من غير تخصيص ما حرّم الله من القتال ، أو من ترك الاختصاص للأشهر بعينها { زُيّنَ لَهُمْ سُوء أَعْمَـٰلِهِمْ } خذلهم الله فحسبوا أعمالهم القبيحة حسنة { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى } أي لا يلطف بهم بل يخذلهم . وقرىء « زين لهم سوء أعمالهم » على البناء للفاعل ، وهو الله عزّ وجلّ .