Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 91, Ayat: 1-10)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ضحاها ضؤوها إذا أشرقت وقام سلطانها ولذلك قيل وقت الضحى ، كأن وجهه شمس الضحى . وقيل الضحوة ارتفاع النهار . والضحى فوق ذلك . والضحاء بالفتح والمد إذا امتد النهار وقرب أن ينتصف { إِذَا تَلـٰهَا } طالعاً عند غروبها آخذاً من نورها وذلك في النصف الأوّل من الشهر . وقيل إذا استدار فتلاها في الضياء والنور { إِذَا جَلَّـٰهَا } عند انتفاخ النهار وانبساطه ، لأن الشمس تنجلي في ذلك الوقت تمام الانجلاء . وقيل الضمير للظلمة ، أو للدنيا ، أو للأرض ، وإن لم يجر لها ذكر ، كقولهم أصبحت باردة يريدون الغداة ، وأرسلت يريدون السماء إذا يغشاها ، فتغيب وتظلم الآفاق ، فإن قلت الأمر في نصب « إذا » معضل لأنك لا تخلو إما أن تجعل الواوات عاطفة فتنصب بها وتجر ، فتقع في العطف على عاملين في نحو قولك مررت أمس بزيد ، واليوم عمرو . وإما أن تجعلهن للقسم ، فتقع فيما اتفق الخليل وسيبويه على استكراهه . قلت الجواب فيه أن واو القسم مطرح معها إبراز الفعل إطراحاً كلياً ، فكان لها شأن خلاف شأن الباء ، حيث أبرز معها الفعل وأضمر ، فكانت الواو قائمة مقام الفعل والباء سادّة مسدهما معاً ، والواوات العواطف نوائب عن هذه الواو ، فحققن أن يكن عوامل على الفعل والجار جميعاً ، كما تقول ضرب زيد عمراً ، وبكر خالداً فترفع بالواو وتنصب لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملهما . جعلت « ما » مصدرية في قوله { وَمَا بَنَـٰهَا } { وَمَا طَحَـٰهَا } { وَمَا سَوَّاهَا } وليس بالوجه لقوله { فَأَلْهَمَهَا } وما يؤدي إليه من فساد النظم ، والوجه أن تكون موصولة ، وإنما أوثرت على من لإرادة معنى الوصفية ، كأنه قيل والسماء ، والقادر العظيم الذي بناها ، ونفس ، والحكيم الباهر الحكمة الذي سواها ، وفي كلامهم سبحان ما سخركن لنا . فإن قلت لم نكرت النفس ؟ قلت فيه وجهان ، أحدهما أن يريد نفساً خاصة من بين النفوس وهي نفس آدم ، كأنه قال وواحدة من النفوس . والثاني أن يريد كل نفس وينكر للتكثير على الطريقة المذكورة في قوله { عَلِمَتْ نَفْسٌ } التكوير 14 . ومعنى إلهام الفجور والتقوى إفهامهما وإعقالهما ، وأنّ أحدهما حسن والآخر قبيح ، وتمكينه من اختيار ما شاء منهما بدليل قوله { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـٰهَا 9 وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـٰهَا10 } فجعله فاعل التزكية ، والتدسية ومتوليهما والتزكية الإنمار والإعلاء بالتقوى . والتدسية النقص والإخفاء بالفجوز . وأصل دسى دسس ، كما قيل في تقضـض تقضى . وسئل ابن عباس عنه فقال أتقرأ { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } ، الأعلى 14 { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } طه 111 . وأما قول من زعم أنّ الضمير في زكّى ودسى لله تعالى ، وأنّ تأنيث الراجع إلى من لأنه في معنى النفس فمن تعكيس القدرية الذين يورّكون على الله قدراً هو بريء منه ومتعال عنه ، ويحيون لياليهم في تمحل فاحشة ينسبونها إليه ، فإن قلت فأين جواب القسم ؟ قلت هو محذوف تقديره ليدمدمنّ الله عليهم ، أي على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحاً . وأما { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـٰهَا9 } فكلام تابع لقوله { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا8 } على سبيل الاستطراد ، وليس من جواب القسم في شيء .