Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 96, Ayat: 1-5)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عن ابن عباس ومجاهد هي أول سورة نزلت وأكثر المفسرين على أن الفاتحة أول ما نزل ثم سورة القلم . محل { بِٱسْمِ رَبّكَ } النصب على الحال ، أي اقرأ مفتتحاً باسم ربك ، قل بسم الله ، ثم اقرأ . فإن قلت كيف قال { خَلَقَ } فلم يذكر له مفعولاً ، ثم قال { خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ } ؟ قلت هو على وجهين إما أن لا يقدّر له مفعول وأن يراد أنه الذي حصل منه الخلق واستأثر به لا خالق سواه . وإما أن يقدّر ويراد خلق كل شيء ، فيتناول كل مخلوق ، لأنه مطلق ، فليس بعض المخلوقات أولى بتقديره من بعض . وقوله { خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ } تخصيص للإنسان بالذكر من بين ما يتناوله الخلق لأن التنزيل إليه وهو أشرف ما على الأرض . ويجوز أن يراد الذي خلق الإنسان ، كما قال { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْءانَ خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ } الرحمٰن 1 - 2 - 3 فقيل { ٱلَّذِى خَلَقَ } مبهماً ، ثم فسره بقوله { خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ } تفخيماً لخلق الإنسان . ودلالة على عجيب فطرته . فإن قلت لم قال { مِنْ عَلَقٍ } على الجمع ، وإنما خلق من علقة ، كقوله { مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } ؟ غافر 67 قلت لأن الإنسان في معنى الجمع ، كقوله { إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ لَفِى خُسْرٍ } العصر 2 . { ٱلأَكْرَمُ } الذي له الكمال في زيادة كرمه على كل كرم ، ينعم على عباده النعم التي لا تحصى ، ويحلم عنهم فلا يعاجلهم بالعقوبة مع كفرهم وجحودهم لنعمه وركوبهم المناهي وإطراحهم الأوامر ، ويقبل توبتهم ويتجاوز عنهم بعد اقتراف العظائم ، فما لكرمه غاية ولا أمد ، وكأنه ليس وراء التكرم بإفادة الفوائد العلمية تكرم ، حيث قال الأكرم { ٱلأَكْرَمُ ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ 4 عَلَّمَ ٱلإِنسَـٰنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ5 } فدلّ على كمال كرمه بأنه علم عباده ما لم يعلموا ، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم ، ونبه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيط بها إلاّ هو ، وما دوّنت العلوم ولا قيدت الحكم ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم ، ولا كتب الله المنزلة إلاّ بالكتابة ولولا هي لما استقامت أمور الدين والدنيا ولو لم يكن على دقيق حكمة الله ولطيف تدبيره ودليل إلاّ أمر القلم والخط ، لكفى به . ولبعضهم في صفة القلم @ وَرَوَاقِمُ رُقْشٍ كَمِثْلِ أَرَاقِم قُطْفِ الْخُطَا نَيَّالَةٍ أَقْصَى المُدَى سُودِ الْقَوَائِمِ مَا يَجِدُّ مِسِيرُهَا إلاَّ إذَا لَعِبَتْ بِهَا بِيضُ المُدَى @@ وقرأ ابن الزبير « علم الخط بالقلم » .