Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 96, Ayat: 6-19)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَلاَّ } ردع لمن كفر بنعمة الله عليه بطغيانه ، وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه { أَن رَّءاهُ } أن رأى نفسه . يقال في أفعال القلوب رأيتني وعلمتني ، وذلك بعض خصائصها . ومعنى الرؤية العلم ، ولو كانت بمعنى الإبصار لامتنع في فعلها الجمع بين الضميرين . و { ٱسْتَغْنَىٰۤ } هو المعفول الثاني { إِنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلرُّجْعَىٰۤ } واقع على طريقة الالتفات إلى الإنسان ، تهديداً له وتحذيراً من عاقبة الطغيان . والرجعى مصدر كالبشرى بمعنى الرجوع . وقيل نزلت في أبي جهل . وكذلك { أَرَءَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ9 } وروي 1322 أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتزعم أن من استغنى طغى ، فاجعل لنا جبال مكة فضة وذهباً ، لعلنا نأخذ منها فنطغى فندع ديننا ونتبع دينك ، فنزل جبريل فقال إن شئت فعلنا ذلك ، ثم إن لم يؤمنوا فعلنا بهم ما فعلنا بأصحاب المائدة ، فكفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء إبقاء عليهم . وروي عنه لعنه الله أنه قال 1323 هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ قالوا نعم . قال فوالذي يحلف به ، لئن رأيته توطأت عنقه ، فجاءه ثم نكص على عقبيه ، فقالوا له مالك يا أبا الحكم ، فقال إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة { أَرءَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ9 } ومعناه أخبرني عمن ينهى بعض عباد الله عن صلاته إن كان ذلك الناهي على طريقة سديدة فيما ينهى عنه من عبادة الله . أو كان آمراً بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد ، وكذلك إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الدين الصحيح ، كما نقول نحن { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ14 } ويطلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب ذلك . وهذا وعيد . فإن قلت ما متعلق أرأيت ؟ قلت الذي ينهى مع الجملة الشرطية ، وهما في موضع المفعولين . فإن قلت فأين جواب الشرط ؟ قلت هو محذوف ، تقديره إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ، ألم يعلم بأن الله يرى ؟ وإنما حذف لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني . فإن قلت فكيف صحّ أن يكون { أَلَمْ يَعْلَم } جواباً للشرط ؟ قلت كما صحّ في قولك إن أكرمتك أتكرمني ؟ وإن أحسن إليك زيد هل تحسن إليه ؟ فإن قلت فما أرأيت الثانية وتوسطها بين مفعول أرأيت ؟ قلت هي زائدة مكرّرة للتوكيد . وعن الحسن أنه أمية بن خلف كان ينهى سلمان عن الصلاة { كَلاَّ } ردع لأبي جهل وخسوء له عن نهيه عن عبادة الله تعالى وأمره بعبادة اللات ، ثم قال { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ } عما هو فيه { لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار . والسفع القبض على الشيء وجذبه بشدّة . قال عمرو بن معديكرب @ قَوْمٌ إذَا يَقَعُ الصَّرِيخُ رَأَيْتَهُمْ مِنْ بَيْنِ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أَوْ سَافِعِ @@ وقرىء « لنسفعنّ » بالنون المشدّدة . وقرأ ابن مسعود لأسفعا . وكتبتها في المصحف بالألف على حكم الوقف ، ولما علم أنها ناصية المذكور ، اكتفى بلام العهد عن الإضافة { نَاصِيَةٍ } بدل من الناصية وجاز بدلها عن المعرفة ، وهي نكرة لأنها وصفت فاستقلت بفائدة . وقرىء « ناصية » على هي ناصية ، وناصية بالنصب . وكلاهما على الشتم . ووصفها بالكذب والخطأ على الإسناد المجازي . وهما في الحقيقة لصاحبها . وفيه من الحسن والجزالة ما ليس في قولك ناصية كاذب خاطىء . والنادي المجلس الذي ينتدى فيه القوم . أي يجتمعون . والمراد أهل النادي . كما قال جرير @ لَهُمْ مَجْلِسٌ صُهْبُ السِّبَالِ أَذِلَّةٌ @@ وقال زهير @ وَفِيهِمْ مَقَامَاتٌ حِسَانٌ وُجُوهُهُمْ @@ والمقامة المجلس . روى 1324 أن أبا جهل مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فقال ألم أنهك ؟ فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " أتهدّدني وأنا أكثر أهل الوادي نادياً " ، فنزلت . وقرأ ابن أبي عبلة « سيدعى الزبانية » على البناء للمفعول ، والزبانية في كلام العرب الشرط ، الواحدة ، زبنية ، كعفرية ، من الزبن وهو الدفع . وقيل زبني ، وكأنه نسب إلى الزبن ، ثم غير للنسب ، كقولهم أمسى وأصله زباني ، فقيل زبانية على التعويض والمراد ملائكة العذاب . وعن النبي صلى الله عليه وسلم 1325 " لو دعا ناديه لأخذته الزبانية عياناً " { كَلاَّ } ردع لأبي جهل { لاَ تُطِعْهُ } أي اثبت على ما أنت عليه من عصيانه ، كقوله { فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذّبِينَ } القلم 8 . { وَٱسْجُدْ } ودم على سجودك ، يريد الصلاة { وَٱقْتَرِب } وتقرّب إلى ربك . وفي الحديث 1326 " أقرب ما يكون العبد إلى ربه إذا سجد " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 1327 " من قرأ سورة العلق أعطي من الأجر كأنما قرأ المفصّل كله " .