Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 1, Ayat: 2-2)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ … } قال الزمخشري : الحَمْدُ والمدح أخوان . فقيل : معناه أنهما مترادفان ، وقيل : متقاربان ، وقيل : متغايران ، فالحمد يطلق على الله تعالى والمدح لا يطلق عليه . وأما الشكر / فحكى أبو حيان فيه ثلاثة أقوال قال الطبري : هو الحمد ، وقيل : غيره ، وقيل : الحمد أعمّ منه ، فالحمد يطلق على الصفات الجميلة والشكر على الأفعال الجزيلة . وظاهر كلام الزمخشري قول رابع أن بينهما عموم وخصوص وجه دون وجه فالحمد يكون باللّسان على الصفات الجميلة والأفعال الجزيلة والشكر يكون بالقول والفعل والقلب على الأفعال ( خاصة ) ، واحتجوا له بقول الشاعر : @ أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ، ولساني ، والضمير المحجبا @@ قال ابن عرفة : وعادتهم يتعقبونه بانه لم يسمه شكرا وإنما سماه نعماء وعلى تقدير أن لو سمّاه ( شكرا ) فلا دليل فيه . لأن العربي إنّما يحتج بقوله فيما يرجع إلى نظم الكلام وأحكامه اللفظية الإعرابية . أما ما يحكم عليه بأنه كذا فلا يحتج به كما ذكر في الإرشاد الرد عليهم في استدلالهم على كلام النفس ( بقول ) الأخطل : @ إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جُعل اللّسان على الفؤاد دليلا @@ وذكر هذه الأقوال ( الأربعة ) ابن هارون في شرح ابن الحاجب الأصلي . والألف واللاّم في " الحمد " إما للجنس أو ( للعهد ) أو للماهية . وقرر القاضي العماد الجنس بأنّ الحمد يختلف فيه القديم ( والحادث ) لأنّ الله تعالى في الأزل حمد نفسه بنفسه ، فيتناول حمدنا له وحمده هو لنفسه وقرر العهد بأنّ النعم لما كان ( اللّسان ) يستحضرها فكأنه يعهدها إلى الله تعالى . واختار القاضي العماد أنها للماهية وضعف كونه للجنس ، وقرر بأن الله تعالى تعبدنا بحمده ، أي نحمده بما حمد به نفسه فالحمد القديم ( مماثل ) ( للحادث ) بمعنى اللفظ المؤدي باللّسان هو المعنى القديم الذي وصف الله به نفسه ، كما أن القرآن قديم أزلي ، ونحن نعبر عنه ( بألفاظنا الحادثة ) فالحمد إذا حقيقة واحدة . قال : ( وهذا البحث من نظري ) فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان . قال ابن عرفة : وحاصله هل المعتبرُ في الحمد صفة الفاعل أو صفة متعلق الحمد ، فإن اعتبرته الحمد من حيث الفاعل فهو حادث وإن ( اعتبرته ) من حيث صفة المحمود جاء منها الذي قاله العماد . ولما ذكر ( بعضهم ) كونها للجنس قال : إنها دالة على أفرادها مطابقة . قال ابن عرفة : هذا جار ( الخلاف ) في دلالة ( العام ) على بعض أفراده هل ( هو ) مطابقة تضمن أو التزام ؟ قال ابن عطية : وقرأ سفيان بن عينية ( ورؤبة ) بن العجاج : " الحمد " لله بفتح الدال علما على إضمار فعل . قال ابن عرفة : وقالوا وقراءة الضم أدل على الثبوت ( كقولهم له ) علم ( علم الفقهاء ) بالنصب والرفع . قال الزمخشري : ومنه قوله تعالى : { فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ } ( بالرفع في ) الثّاني ليدلّ على أنّ إبراهيم حياهم بتحية أحسن من تحيتهم لأن الرفع دال على الثبوت . وكذا قال السكاكي في علم البيان . قال ابن عرفة : وعادتهم يوردون عليه تشكيكا من ناحية أن سلام الملائكة على إضمار ( فعل ) مؤكد بالمصدر ، والدّال على إثبات الحقيقة وإزالة الشك عن الحديث الأعم من أن يكون وقوعه منهم ثابتا ، أو لا ؟ والاسم المرفوع دال على ثبوت وقوع السلام منهم أعم من أن يكون حقيقة أو مجازا ، فتعادلا ، فليس أحدهما بأبلغ من الآخر . قال : وكان يمشي لنا الجواب عنه بأن سلام إبراهيم إنما هو بعد سلام الملائكة ردا عليهم ، والبعدية تقتضي الحدوث ( والتجدّد ) ، فلو عبر فيه بالفعل لتوهّم ( فيه ) الحدوث ، وأنه إنّما سلم ردا عليهم فعبّر بالاسم ( تنبيها ) على أن ( سلامِيَ ) عليكم كان ثابت ولو لم تبدؤوني بالسّلام . وسلام الملائكة لما كان ابتدائيا لا يتوهّم فيه البعدية ولا أنه جواب وَرَدّ عبّروا فيه بالفعل ( إذْ ) لا ضرورة تدعو إلى التعبير بالاسم . قلت : وأورد بعض نحاة الزمان على هذا إشكالين . - الأول : كيف يصح حذف الفعل مع أن المصدر مؤكد له والفعل المؤكد يحذف لأن مقام الاختصار مناف لمقام التأكيد ( فيمنع ) أن ( يكون ) المصدر هنا مؤكدا ؟ - الثاني : ( إنما يمنع ) أن هذا أبلغ لأن هذا المصدر نائب مناب الفعل لا مؤكدا له وكأنه لم يحذف من الكلام شيء سلمنا أنه مؤكد لكن نقول : هو مؤكد لوجود الفعل وثبوته في نفس الأمر على سبيل الثبوت واللزوم ، أو على سبيل التجدد والحدوث نظرٌ آخر ، وانظر ما قيدته في سورة الذاريات . قوله تعالى : { … رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } قال الزمخشري : لفظ الرّب لا يطلق هكذا إلا على الله تعالى فهو في غيره مقيد بالإضافة تقول : ربّ الدّابة وربّ الدّار . قال ابن عرفة : فإن قلت : قد قال الأصوليون كل ما صدق مقيدا صدق مطلقا ؟ فالجواب : أن ذلك باعتبار المفعولية وهذا باعتبار الإطلاق اللفظي . وفي حديث مسلم عن عبد الله بن عمر عن أبية في أشراط الساعة " أن تلد الأمَة ربتها " . قال ابن عطية : ويروى أنها تعدل ثلثي القرآن . والعدل إما في المعاني باشتمالها على التوحيد وغيره ، وَ { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } على التوحيد فقط ، وإما أن يكون ( فضلا ) من الله لا يعلل .