Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 100-100)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم … } قال ابن عرفة : ذمّ الإنسان على عدم العمل بما كان التزم العَمَلَ به أشد من ذمه على إنكار ما يعلم صحّته . وقال بعضهم : النّبذ طرح خاص ، وهو عدم الاعتناء بالشيء لحقارته وذمامته وانظر تنبيهات القاضي عياض من العتق الثاني . قال ابن عرفة : وهذه تسلية له صلى الله عليه وسلم لأنه لما تقدم ذكر إنزال الآيات البينات وكفرهم بها عقبه ببيان أن ذلك شأنهم وعادتهم فلا يلحقك / بسببه ( ضجر ) ولا حزن بوجه . فإن قلت : هل يؤخذ منه أن العهد لا يقبل النقض لأجل ذمهم على نقضه ؟ فالجواب من وجهين : إما بما تقرر في كتاب الأيمان والنذور من أنه في الحكم الشرعي على قسمين : عهد يقبل النّقض ، وعهد لا يقبله ، وهذا من الذي لا يقبله ، وإما بأن الذي وقع فيه الكلام ( إنما هو ) العهد المطلق الذي هو غير متكرر ، وأما هذا فهو عهد مؤكد متكرر فلا يقبل النقض بوجه فلذلك ذمّوا على نقضه . فإن قلت : هلا قيل : أَوَ كُلَّمَا عَاهَد فريق منهم عهدا نقضه ، لئلا يلزم عليه ذم الجميع بعصيان البعض ؟ فالجواب : أنّ الجميع ذمّوا بسبب رضاهم بفعل البعض وإمّا بأن الذم للفريق الناقض للعهد فقط ، وأتت الآية على هذا الأسلوب لأن نقض العهد من فريق عاهدوهم وغيرهم ، فثبت غيرهم ونقضوا هم فاتّسع في الذّم لهم في نقضهم عهدا اختصوا به . قوله تعالى : { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } قال ابن عطية : الضمير في " أكْثَرهُمْ " إما عائد على بني إسرائيل أو على الفريق النابذين . وضعفه ابن عرفة لأنه يلزم عليه أن يكون بعض الذين نبذوا العهد مؤمنا ؟ وأجيب باحتمال كون المنبذ راجعا لعدم الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم فبعضهم ( آمن بكتابه ) ولم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد نبذ العهد ( مع أنه مؤمن بكتابه ) . قال ابن عرفة : و " أَكْثَرُهُمْ " إما أن يراد به الفريق ، أو ( هو ) أعم منه . ولما كان الفريق يصدق على القليل والكثير بين بالأكثر . ( قيل ) لابن عرفة : ( عدم ) إيمانهم هو نفس نقضهم للعهد فلا يصح أن يكون الأكثر غير مؤمنين والأقل ناقضين للعهد ؟ وأجاب بأنّه يصحّ لأن هؤلاء اليهود منهم من هو متبع لكتابه ومنهم من هو مخالف له . قال ابن الخطيب : وقيل : المراد بنبذ العهد عدم إيمانهم بالقرآن . قال : وهذا مردود بأن مادة النبذ تقتضي تمسكهم به قبل ذلك مع أنهم لم يكونوا قط متمسكين بالقرآن . وأجاب ابن عرفة بأنهم كانوا قابلين للتّمسّك ( به ) وكانوا قبل البعثة متمسكين ( به ) لأن كتابهم أخبر به على وفقه بدليل أن من مات منهم قبل ذلك مات مسلما حنيفيا .