Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 102-102)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَاطِينُ … } أي عملوا بمقتضاه ، وليس هو من الاتباع الحقيقي ، لأن متلو الشياطين لا يتبع إنما يتبع التالي وهو الشيطان لا متلوه . قوله تعالى : { عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ … } قيل ؛ أى على عهد سليمان ، ويحتمل أن يراد اتّباعهم ما سمعوا أنّ الشيطان كان يتلوه في عهد سليمان ، وأنهم يتبعون في عهد سليمان ما يتلوه الشيطان إذّاك ؟ قال ابن عرفة : وتعلّم السّحر واعتقاده حقا كفر . وأما تعلمه من غير اعتقاد حقيقة ففي التكفير به قولان ، وظاهر المتكلّمين أنّ التكفير إنّما هو بأحد ثلاثة أمور : إما بقول كلمة الكفر ، أو بالسّجود لصنم ، أو بالفعل كلبس الزّنار ونحوه . وجعل الفخر ( هنا ) من السحر ( الشعوذة ) . وكان شيخنا ابن عبد السلام يستضعف ذلك وينكره ويقول : إنما ذلك من خفة اليد ، وليس بسحر ، بخلاف ما يحكى عن غالب العجائبي من أنه كان يزرع الفقوس ( ويجنيه ) في ساعة واحدة فإنه سحر . قال ابن عطية : روي أنهما ( ملكان ) اختصمت إليهما إمرأة ، وحكى القصة ، وضعفه ابن عطية من جهة السند . قال ابن عرفة : بل هو ضعيف من جهة الاستدلال ، فإنه قد قام الدّليل على عصمة الملائكة . ولا يقال : إنهما كانا معصومين ، ثم انتفت العصمة عنهما حينئذ ، فإنّ ذلك إنما هو فيمن يتّصف بالحفظ لا بالعصمة ، فيصح أن يحفظ تارة دون تارة ، أما العصمة فلا تزول عمن ثبتت له أبدا ( وقد ) كان الشيوخ / يخطئون ابن عطية في هذا الموضوع لأجل ( ذكره ) هذه الحكاية . ونقل بعضهم عن القرافي أن ( مالكا ) أنكر ذلك في حق هاروت وماروت . قال ابن عرفة ؛ وكان تَعلم السحر في ( زمن ) هاروت وماروت ( جائزا ) ، وكانوا مأمورين بتعليم النّاس على جهة الابتلاء من الله تعالى لخلقه ، فالطائع لا يتعلمه ، والعاصي ( يبادر ) إليه ويتعلمه كما خلق الله السّم القاتل والحديد وغير ذلك مع أنه لا يجوز تناوله . فقوله على هذا : ( فلا ) يكفر ، إما أن يراد به العمل أي تعلمه ولا تعمل به فتكفر ، أو يرادُ به نفس العلم أي نحن يجوز لنا تعليمه وغيرنا لا يجوز له أن يتعلمه منا فلا نتعلمه فنكفر ، فهم مباح لهم تعليمه للغير ، وذلك الغير لا يباح له أن يتعلمه منهم ، وكان التعليم حينئذ جائزا ثم نسخ فصار حراما . وقال الزمخشري : أي فلا نتعلمه ( معتقدا ) أنه حق فنكفر . ومنهم من قال : إن تعلمه جائز أو مطلوب ليفرق بينه وبين المعجزة والكرامة ، ولكن ذلك في تعلمه على الجملة لا تعلمه مفصلا ، وكلام الزمخشري هنا أنسب من كلام ابن عطية إلا في كلمة واحدة . ( وبقوله ) تعالى : " فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا " استشهد ابن التلمساني في كتاب القياس على أن الفاء تكون للاستئناف . قوله تعالى : { وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ … } ابن عطية : الضمير عائد على بني إسرائيل . قال ابن عرفة : إمّا عموما أو على علمائهم . وقيل : على الشيطان ، وقيل : على الملكين . وضعفه ابن عرفة ، لأنه جمع فلا يصح إلا على القول بأن أقل الجمع اثنان . فإن قلت : هلا قيل فحفظه في الآخرة جهنم ، فهاذ أدل على ( الخسران ) في الآخرة ، لأن فاعل المباح يصدق عليه أنه ليس له في الآخرة نصيب إذ لا ثواب فيه ؟ قلنا : السياق يهدي إلى ( أن ) المراد له العذاب ، وأن هذا القسم ( منتف عنهم ) . قوله تعالى : { وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } قال ابن عرفة : جواب " لو " مقدر ، أي لو كانوا يعلمون لما شَرَوْا ، ولا يصح أنْ يكون جوابها : " لَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ " لأنه مذموم سواء شروه أو لم يشتروه ، وسواء علموا أو لَم يَعلموا . ابن عطية : من أَعَاد الضمير في " وَلَقَدْ عَلِمُواْ " على بني إسرائيل وينتقض ذلك عليه بقوله : " لوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ " . فظاهره ( أنّهم ) لم يعلموا ( ويمكن ) أن يجاب عنه بأنه مجاز لأنّهم عملوا عمل من لا يعلم ، فكأنهم لم يعملوا . قال ابن عرفة : قال بعضهم : أو يجاب بأنّ قولك : كأن زيدا يعلم كذا ، أخص من قولك : علم زيد كذا لاقتضاء ( الأول ) تكرّر العلم له ودوامه حتى تطبع به ، فأثبت في أول الآية لهم مطلق العلم الصادق بأدنى شيء وقال في آخرها : " لوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ " علما ثابتا حقيقيا لما باعوا أنفسهم بذلك . وشروا بمعنى بَاعُوا .