Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 136-136)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قُولُوۤاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ } قال ابن عرفة : فيه دليل على أن من قال : أنا مؤمن ، لا يحتاج إلى زيادة : إن شاء الله ، وهو قول سحنون . قلت : قال ابن بطال في أوائل شرح البخاري هو قول ابن عبد الرحمان السلمي ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم التميمي وعون ابن عبد الله ، ( ورأى ) زيادة الاستثناء ابن عبد الحكم وحمديس وابن عبدوس وأحمد بن صالح الكوفي . قلت : ونقل لي بعض الطلبة عن الركراكي بالقيروان وكان صالحا أنه قال : لا أماته الله على الإسلام إن كان يعتقد أنه مسلم . ( قال : فسألت الفقيه أبا عبد الله محمد بن محمد بن سلامة . فقال : مراده إن كان يعتقد أنّه كامل الإسلام . وقال لي شيخنا الفقيه أبو العباس أحمد بن إدريس : إنما أراد ما في حديث : " المسلم من سلم الناس من لسانه ويده " قال ابن عرفة : والصواب أنه إن أراد : أنا مؤمن في الحال ، لم يحتج إلى زيادة : إن شاء الله تعالى ، وإن أراد المستقبل فلا بد من زيادة إن شاء الله ، وهذه الآية إما خبر أو إنشاء فإن كانت خبرا فهو ماض لا يحتاج فيه إلا الاستثناء لأنه محقق عنده ، وإن كان إنشاء فمدلولها حق صح الإخبار عنه على ما هو عليه من غير استثناء لأنه حق . ( ابن عرفة ) . والمسألة المتقدمة مذكورة في الفقه وفي المعالم الفقهية . وقال أبو حيان : هنا في إبراهيم وإسماعيل ( يجوز ) أن يجمعا جمع سلامة فيقال : ( ابراهيمون ) وإسماعيلون . قال ابن عرفة : كان بعضهم يمنع ذلك ( فيه ) لأنه عجمي . والله أعلم . قال الزمخشري : والأسباط حفدة يعقوب عليه السلام ( ذراري ) أبنائه الاثني عشر . وقال ابن عطية : ( هم أولاد ) يعقوب وهم روبيل وشمعون ويهودا وداني ولاوى وكرد . قلت : وتقدم لنا في الختمة التي قبل هذه قال بعض الطلبة لابن عرفة : ما الحكمة في تخصيص أول الآية بلفظ الإنزال و ( ثانيها ) بالإيتاء ؟ فقال : لفظ الإنزال صريح فيما أنزل من أعلى إلى أسفل ، ولفظ الإيتاء محتمل لأن يكون من اليمين والشمال والأمام والعلو ، والنصارى ( مؤمنون ) بما أنزل على عيسى ، واليهود ( مؤمنون ) بما أنزل على موسى لأنهم لا احتمال عندهم فيه ولا شك ، ولما كانوا شاكين في المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آل إبراهيم وما بعده وبعضهم يدعي أنهم ( تلقوه ) من الكهان ، أتى فيه باللفظ الصريح الدال على نزوله من أعلى إلى أسفل ولهذا قال : { وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ } لينفي هذا الاحتمال ، فعورض بوجهين : - الأول قال بعض الطلبة : السحر إنما يتلقونه من الشياطين المسترقين للسمع فهو من أعلى إلى أسفل فلا احتمال في الإنزال كالاحتمال في الإيتاء . - الوجه الثاني : قلت : ( إذاً ) إنّ النصارى كافرون بما أنزل على موسى واليهود بما أنزل على عيسى فالاحتمال لم يزل أقال في هذه : { وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا } وفي آل عمران { قُلْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا } قال ابن الخطيب : إنّ " على " صريحة في حصول الشيء من فوق " وإلى " يحتمل حصوله من إحدى الجهات السْبب . والخطاب في قوله " ءَامَنَّا " بالنبي صلى الله عليه وسلم والقرآن أنزل عليه حقيقة من السماء . والخطاب هنا للمؤمنين ، وإنما حصل لهم القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم ( ولم يحصل ) لهم من فوق . وأورده الزمخشري في آل عمران ، وأجاب بأن الوحي يتنزل من فوق وينتهي للرسل ، فجاء تارة بأحد المعنيين وأخرى بالآخر ، قل ومن قال علينا لقوله قل : " إِلَيْنَا " لقوله " قُولُواْ " فقد تعسف ، ألا ترى إلى قوله " بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ " وإلى قوله { ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } وأجاب ابن عرفة بجواب آخر : وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان خاطره إلى العالم العلوي أميل ، إذ في السّماء الجنّة والعرش والكرسيّ والملائكة ، ناسب تعدي الإنزال إليه بـ " على " ليشعر بإتيانه من الجهة الشريفة المحبوبة بخلاف هذه فإنّ فيها " قُولُوا " وهو خطاب له ولغيره . وأجاب ابن عرفة وبعض طلبته عن تخصيص أول الآية بالإنزال وآخرها بالإيتاء بأنه لما / كان ظهور المعجزات الفعلية على يد موسى وعيسى أكثر ( وأشهر ) من ظهورها على يد إسحاق ويعقوب وإبراهيم لأن موسى ضرب البحر فانفلق ، وألقى العصا فعادت ثعبانا ، وأخرج يده فصارت بيضاء من غير سوء ، ( ورفع ) من على البئر الصخرة لابنة شعيب ، ووضع ثوبه على حجر ، ودخل النهر فمضى الحجر به فتبعه وهو يقول : ثوبي حجر . وعيسى كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ، فناسب لفظ الإيتاء سَيدَنَا إبراهيم عليه السلام وأولاده فإن اشتهارهم بإنزال الوحي أكثر من اشتهارهم بالمعجزات .