Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 17-17)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسْتَوْقَدَ نَاراً … } قال ابن عرفة : كيف شبه ( الجمع ) بالواحد . فأجيب بأنّه كلية روعي فيها آحادها ، أو المراد بالموصول الجمع أو هو واحد بالنوع لا بالشخص ، والتشبيه يستدعي مشبها ومشبها به ووجه التشبيه نتيجتة ، كما أن القياس التمثيلي يقتضي فرعا وأصلا وعلة جامعة ونتيجة وهي الحكم ، فالمشبه المنافقون والمشبه به مستوقد النار . ووجه التشبيه حكى فيه ابن عطية حمسة أقوال ( ونتيجته ) هو الخسران والندم . قوله تعالى : { ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ … } قال السهيلي في الروض : إن قلت : لم عداه هنا بالباء . وقال في سورة الأحزاب : { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } فعداه بنفسه ؟ فأجاب بأن الباء تقتضي الصاحب ، فإذا قلت : ذهبت بزيد ، فأنت أذهبته وذهبت معه والنور محبوب شرعا فناسب اسناد الذهاب إليه باعتبار الفهم والتصور وإن كان في حق الله تعالى محالا لكنه على معنى يليق به ، كما وصف نفسه بالمجيء في قوله : { وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } والرّجس مذموم شرعا وطبعا فناسب إبعاده عنه ( وعدم ) إسناده إليه . قال ابن عرفة : وفي ( التعدية ) بالباء التي للمصاحبة نوع زيادة وإشعاره ( بدوام ) الذهاب ، وملازمته بسبب ملازمة فاعل الذهاب له ، فلا يزال ذاهبا عنهم فهو أشد في عقوبتهم حتى لا يتصور رجوعه ( إليهم ) بوجه . وتكلم الطيبي ( هنا ) ( في الضياء ) والنور . قال الزمخشري : النور ضوء النهار وضوء كل شيء ، وهو نقيض الظلمة ، والضياء إفراط الإنارة ، فالنور عنده زيادة في الضياء . قال تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً … } وقدره صاحب المثل السائر بأنّ الضياء هنا ( مثبت ) والنور منفي . والقاعدة استعمال الأخص في الثبوت والأعم في النفي فإذا ثبت أعلى الضياء فأحرى أدناه ، وإذا انتفى أقل النور ( ومبادِئُهُ ) فأحرى أكثره أعلاه . وتعقب عليه صاحب الفلك الدائر بأن يعقوب ابن السكيت نص في ( إصلاح ) المنطق على أن الضياء هو النور لا فرق بينهما . وقال بعضهم : قول : من قال : إن القمر مستمد من نور الشمس مخالف لمذهب أهل السنة ، ولا يتم إلا على مذهب الطبائعية . ورد بعضهم على الفخر الخطيب في سورة النور عند قول الله تعالى : { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } قال فيها : إن النور هو الضوء الفياض من الشمس . ( قال ) : ما يتمّ إلا على القول بالطّبع والطبيعة . وأجاب ابن عرفة بأنه أخطأ في العبارة فقط ، ومراده أنه نور يخلقه الله في القمر عند مقابلة الشمس ، ومذهب أكثر أهل السنة أن الظلمة أمر وجودي ، وذهب الحكماء والفلاسفة إلى أنها أمر عدمي . قوله تعالى : { وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ … }