Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 18-18)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قول الله تعالى : { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ … } الآية قال ابن عطية : الأصم هو من لا يسمع . والأبكم من لا ينطق ولا يفهم ، والأخرس من ( يفهم ) ولا ينطق . وقيل : الأبكم والأخرس واحد . قال ابن عرفة : تقدم في الأصول أنه إذا ( تعارض الترادف ) والتباين ( فالتباين ) أولى وانظر ( ما معنى ) كونهما سواء هل يرد الأبكم إلى الأخرس أو بالعكس ( وعادتهم ) يقررونه بأن معنى كونهما سواء أن الأبكم والأخرس هو الذي لا ينطق سواء فهم أو لم يفهم ، ولو فسرناه برد الأخرس إلى الأبكم للزم عليه الإهمال والتعطيل ، لأنّه يكون الأصم من لا يسمع والأخرس والأبكم من لا ينطق ولا يفهم ، ( ويبقى ) من يفهم ولا ينطق واسطة بينهما مهملا . قيل ( له ) : إنا نجد الأخرس هكذا ؟ ( فقال ) : قد يكون في الشيوخ الصم من تعطل فهمه . قال : والترتيب في الآية ( قدوره ) بوجهين : إما أنه على حساب الوجود الخارجي لأن المكلف يسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : أني رسول من عند الله فينطق ويقول له : ما دليل صدقك ( فيريه ) انشقاق القمر ( أو غَيره ) من الآيات . وإما لأن الأمور منها ( ما يصدرُ ) عن الشخص وهو منفعل ، ومنها ما ( يصدر ) عنه وهو فاعل ، فحاسة السمع من ( قبيل ) قسم المنفعل لا من قسم الفاعل ، لأن الإنسان يسمع الشيء من غيره ، وليس له فعل ، وحاسة النطق من ( قسم ) الفاعل لأنه لا يتكلم إلا باختياره إن أراد ( تكلم ) وإلا سكت ، وحاسة البصر جامعة ( للأمرين ) فالنظرة الفجائية من قسم المنفعل لا من قسم الفاعل لا تسبب ( للإنسان ) فيها ، وما عداها من قسم الفاعل . فبدأ أولا ( بقسم المنفعل ) لأن الكلام في شيء مخلوق حادث والأصل في الحادث الانفعال لا الفعل ، وهما خبر مبتدأ محذوف ، وحسن حذف المبتدأ لكون الخبر لا يصح إلا له وتعدد الجنس فيه خلاف فمنعه بعضهم ، وأجازه آخرون بشرط كون الجميع في معنى خبر واحد ، ومنهمْ من كان يجعله خلافا ومنهم من يجمع بين القولين بأنّ الذي منع من التعدد إنما منع حيث يكون الخبران متناقضين كقولك : زيد قائم قاعد ، أو متحرك ساكن . والذي أجازه بشرط الجمعية معنى واحد ، هكذا مراده ، لأن النقيضين لا يجتمعان في معنى واحد بوجه . قال الله تعالى : { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } قال أبو البقاء : جملة مستأنفة ، وقيل : في موضع نصب على الحال فتعقبه أبو حيان بأن ما بعد الفاء لا يكون حالا . قال : لأنّ الفاء للترتيب ، والحال مقارنة لا ترتيب فيها . قال ابن عرفة : الحكم بكون الفاء تمنع عمل ما قبلها فيما بعدها صحيح إلا أن هذا التعليل باطل لأنا نقول : تكون الحال مقدرة لا محصلة قال : وقوله : فهم لا يرجعون . قيل : إنه خبر وقيل دعاء . قال ابن عرفة : لا يتمّ كونه دعاء إلا أنّهم صمّ حقيقة ، فإن أريد به المجاز فلا يصح الدعاء عليهم به . قيل لابن عرفة : ولا يصح كونه حقيقة لأن مقتضاه لم يقع . فقال : الدّعاء ليس من الله ( فيلزم حصول متعلقه ) بل هو ( أمر ) للنّبي صلى الله عليه وسلم والملائكة . فالدّعاء عليهم بهذا اللفظ لا يلزم وقوعه فإنه تحصل للدّاعي مطلوبه ، وقد لا يستجاب له ، ويثاب على الدّعاء . قال ابن عطية : وقال غيره ، معناه : لا يرجعون ، ما داموا على الحال التي ( وصفهم بها ) . قال ابن عرفة : هذا تحصيل الحاصل . قيل له : قد قال أهل المنطق : كل كاتب محرك يده ما دام كاتبا ، ولم يجعلوه تحصيل الحاصل . فقال : ( هؤلاء ) ينظرون إلى المعنى ، والنحوي كلامه في صحة تركيب ( الألفاظ ) ( والاصطلاحان ) متباينان .