Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 215-215)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ … } . السؤال ( يتعدى ) للمحسوسات بنفسه ، ويكون معموله مفردا مثل : سألته طهورا ، أي طلبت منه الماء ، وللمُعاين كذلك ، ويكون جملة مثل : سألته ماء هو الطهور . الزمخشري : سألوا عن تعيين المنفق فأجيبوا بتعيين المصرف لاّنه يستلزم المنفق . قال ابن عرفة : جعل السؤال ( هنا ) عن حال الشيء ويظهر لي وجه آخر وهو أن السؤال بماذا عن حقيقة الشيء وهي قسمان : عقلية وشرعية . فالعقلية لا يختلف جوابها بوجه ولا يمكن فيه التحريف ، وأما الشرعية فهي أمور جعلية يصح تحريف الشّارع لها عن شيء آخر ، فالمراد : يسألونك عن حقيقة الشيء المنفق المحصل للثواب في الدار الآخرة ما هو ؟ فأجيبوا بأنه الشيء المنفق على الوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وفعل الخير بالإطلاق . قوله تعالى : { قُلْ مَآ أَنفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ … } . ( مَا ) إما شرطية أو موصولة . قال ابن عرفة : الظاهر أنها شرطية ، لأن فعل الشرط مستقبل ولو كانت موصولة لما حسن ترتيب الجواب عليها ، لأنهم لم يكن إنفاقهم الماضي قاصرا على الوالدين والأقربين ومن بعدهم ، بل عاما فيهم وفي غيرهم ، فإنَّما أمروا بذلك في المستقبل . قيل لابن عرفة : قد قال ابن مالك : إنّ الفعل بعد الموصول يحتمل الحال والاستقبال . قوله تعالى : { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } . علله بالعلم والمراد لازمه وهو حصول الثواب الجليل عليه . فإن قلت : الآية تدل على أن الأب مساوٍ للأم في البر لتسويتهما في النفقة عليهما ؟ قلنا : الآية إنّما تضمنت مطلق الإنفاق عليهما من غير تعرض لما بينهما من التفاوت ، بدليل تضمنهما أيضا النفقة على الأقربين بالإطلاق ، مع أنّهم متفاوتون لأن القرابة مقولة بالتشكيك ، فالنفقة على أقرب الأقربين تكون أكثر ( من النفقة ) على من هو أبعد منه . وابن السبيل هو المسافر إذا قدم على بلد هو فيها فقير ويكون في بلده غنيا ، فإن كان فقيرا في بلده فهو ( مسكين ) .