Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 218-218)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ … } . قال ابن عطية : الهجرة الانتقال من موضع إلى موضع بنية الإقامة ، ومن قال : الانتقال من البادية إلى الحاضرة فقد وهم بسبب أن ذلك كان الأغلب عندهم فيلزم أن لايكون ( أَهلُ مكّة مهاجرين ) عنده بالإطلاق . قال ابن عرفة : الهجرة الانتقال من الوطن إلى محل نصرة النّبي صلى الله عليه وسلم ويقرب منه الهجرة في موضع كثير المنكر إلى موضع ( أخف ) منه . فإن قلت : لم قال " يَرْجُونَ رَحْمَةَ / ٱللَّهِ " . وكل مؤمن ولو كان من أهل الكبائر يرجو رحمة الله . قلت : فالجواب : أن هذا رجاء شهد الله تعالى لهم به ، فدل ذلك على صحته . ونظيره : من يزرع فدانا في سنة خصيبة ويوفي بخدمته فيراه الفلاحون فيقولون : هذا زرع يرجو صاحبه بلوغ الأمل ، وآخر يزرع فدانا يراه الفلاحون فيذمونه وربه يستحسنه ويرجو أن يبلغ فيه الأمر ويعتقد ذلك فليس الرجاءان سواء . فإن قلت : هلا قيل : وَالَّذِينَ هَاجَرُوا والَّذِينَ جَاهَدُوا أو بحذف الموصول ( فيهما ) واكتُفي بذكره في الأول ؟ ( فالجواب ) أنه قصد التنبيه على أن مجرد الإيمان كاف في حصول المطلوب من ترجي رحمة الله تعالى ، ولما كانت الهجرة إنّما هي للجهاد مع النّبي صلى الله عليه وسلم ونصرته كانا كالشيء الواحد فلذلك لم يكرر ذكر الموصول مع الجهاد . قلت لابن عرفة في الختمة الأخرى : إن الآية حجة على المعتزلة في قولهم إن الطائع يجب على الله أن يثيبه لأن الرجاء إنما يتعلق بالمظنون لا بالمحقق ، فلو كان الثواب محققا لما قال " يرجون رحمة الله " ؟ فقال : لهم أن يجيبوا بأن من هاجر وجاهد لا يعلم أيموت مسلما أو لا ؟ فهو لا يتحقق خاتمته ( فصح ) إسناد الترجي إليه وبطل الدليل .