Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 219-219)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَسْئَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ … } . قال ابن عرفة : قال ابن عطية ، والشيخ الزمخشري : لما نزلت ( هاته الآية ) شربها قوم وتركها آخرون . قام بعض الشاربين فقرأ : قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ أسقط ( لا ) فنزلت : { لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلوٰةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ } قال ابن عرفة : هذا نصّ على أنّ لفظ التأثيم في قوله عز وجلّ : " قُل فِيهمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ " غير ملزوم للتحريم لأنّ الصحابة رضي الله عنهم لم ينتهوا عنها بهذه الآية فيستفاد منه الجواب عن السؤال المورود على قول الفقهاء : إنّ اتّخاذ السترة للمصلي سنة ، مع قولهم : إن تركها وصلى حيث لا يأمن المرور فمر عليه أحد أثِمَ . ( قال : وكنّا أجبنا عنه بأنه إنما أثم بالتعرّض للمرور والمرور معا ) لأنه لو لم يمر عليه أحد لما أثم . قال ابن عرفة : ( وحكي ) ابن عطية في الإثم وجوها : الأول : أن يراد في استعمالها بعد النهي إثم كبير . ( ابن عرفة ) ما قلناه إلا على هذا . الثاني : أن يراد خلال السّوء الّتي فيها وهي السباب والافتراء وذهاب العقل . وعن سعيد بن جبير : لما نزلت كرهها قوم ( للإثم وشربها قوم ) للمنافع . قال ابن عرفة : ويؤخذ ( من الآية أنها إذا تعارضت مصلحة ومفسدة واستويا لا ينبغي الفعل لأن الصحابة لما نزلت ) الآية لم ينتهوا كلهم عن شرب الخمر . فقال : ( نعم ) ، بل هو من باب أحرى . قال : وهذا هو الذي ذكر فيه الأصوليون عن علي بن أبي طالب أنه قال : من شرب الخمر هذى وإذا هذى افترى فأرى عليه حد المُفتري . قلت : ذكره العلامة ابن التلمساني في المسألة الثانية من الباب التاسع . قال : وساعده عمر ( وغيره ) . قال ابن عرفة : وهذا هو اعتبار جنس العلة في عين الحكم لأن الهذيان مظنة الافتراء باعتبار جنس المظنة في عين حد الخمر فجعله ثمانين بعد ما كان أربعين قياسا على حد القذف . قلت : وذكر ابن التلمساني هذا في المسألة ( الثانية ) من الباب التاسع ومثله باعتبار جنس المشقة في إسقاط قضاء الرّكعتين عن المسافر قياسا على إسقاط القضاء على الحائض . قال ابن عرفة : وجعله الأصوليون من القياس في الأسباب وقياس الكفارات من القياس في المقادير الذي لهم فيه قولان . قال : وهذا اجتهاد من الصحابة لفهمهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنّ حده لشاربه ) أربعين اجتهاد لا نصّ ، وكذا ما ورد أنه ضربه ( بالجريد ) فخافوا اختلاف المجتهدين وأجمعوا على هذا الحد فكان قطعا للنزاع . ابن عطية : عن بعضهم حرمت الخمرة بهذه الآية لقوله : { إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْيَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } واقتضت هذه الآية أنّ الخمرة فيها الإثم فيستنتج التحريم ، ثم أبطله هو بأنّ التّحريم حينئذ صار بمجموع الآيتين لا أنّه بهذه ( وحدها ) لأن هذه إنّما فيها الإثم فقط لا التحريم ، وكذا قال القرطبي . قال ابن عرفة : والميسر من اليسر واليسار ، اليسار بالنسبة إلى آخذه لأنه يحدث له يسرا ، واليسار بالنسبة إلى معطيه لأنه مذهب يساره . ابن عطية : عن ابن عباس ومجاهد رضي الله عنهم وغيرهما : كل قمار ميسر من نرد وشطرنج حتى لعب الأطفال بالجوز . قال ابن عرفة : إنما ذلك إذا كان بالمخاطرة بشيء يعطيه المغلوب ، فأما بغير خطار فجائز . وقد أجاز الإمام مالك في العتبية للرجل أن يشتري الكعاب لولده يلعب بها . وكان ابن عبد السلام يقول : في السّبك أنّه مركب من النّرد والشطرنج فلا يجوز ( لأنه من المقامرة ) . قلت : وقد ذكر اللّخمي في كتاب الأشربة أنّ الخمر إنمّا حرم بالكتاب . وذكر ابن عطية في سورة المائدة أنه إنّما حرم بالسنة . ونقل لي : أن القاضي ابن عبد السلام / أنكره وأنهم نظروه في جامع مقدمات ابن رشد فوجدوه موافقا لابن عطية ولم أجده أنا فلعله في البيان . وخرج الترمذي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : اللّهم بيّن لنا في الخمر ؟ فنزلت آية البقرة . فقال : اللهم بين لنا في الخمر ؟ فنزلت آية النساء . { لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ } فقال : اللّهم بيّن لنا في الخمر بيان ( شفاءٍ ) فنزلت آية العقود إلى قوله : فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ . فقال عمر : انتهينا انتهينا . خرجه الترمذي عن أبي ميسرة عن عامر بن شرحبيل عن عمر ( ب ) .