Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 222-222)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ … } . قال القاضي عياض في تنبيهاته / : قيل أصله : من حاضت ( السمرة ) إذا خرج منها ( ماء ) أحمر ، ولعل الشجرة إنّما شبهت بالمرأة . قال ابن عرفة : ظاهرة أنه حقيقة فيهما . وقال الزمخشري : في ( أساس ) البلاغة : من المجاز قولهم حاضت ( السُّمرة ) اذا خرج منها ماء أحمر . قال ابن عرفة : وينبغي أن ينظر الأغلب ، والظاهر أنه مجاز كما قال لأن مسيس الحاجة إلى الإخبار عن حيض المرأة أشد وأكثر من الإخبار عن حيض السمرة فينبغي أن يحكم بأنّه الأسبق وحيض ( الشجرة ) منقول عنه . قوله تعالى : { قُلْ هُوَ أَذىً … } . ( وقال تعالى : { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً } والجامع أنّ الأذى هو الأمر المؤلم الذي ) يقصد إماطته ، وأتى هنا بالحكم مقرونا ( بعلته ) ونصوا على أنّ ( الأصل تقديم العلة على المعلول ) كهذه الآية ، وكقولك : سهى فسجد ، وزنا فرجم . وقد يجيء الحكم مذكورا قبلها ( وإنّما ) ذلك لأن العلة أصل في الأصل واعتبارها فرع في الأصل . واختلفوا في الحائض إذا طهرت من الدم ولم تتطهر بالماء فالمشهور أن وطأها حرام . وحكى القاضي عياض في الإكمال عن ابن بكير جواز وطئها ابتداء من غير كراهة . قلت : وكذا حكى ابن العربي في الأحكام وحكى غيرهما عن ابن بكير كراهة وطئها . وقرأ أبو بكر وحمزة " حَتَّىٰ يَطَّهَرْنَ " بالتشديد واختلفوا في فهم الآية على القول المشهور ، فقال بعض البيانيين : فيها حرف التقابل أي حتَّى يَطهرن وَيَتَطَهَّرْنَ فَإِذَا طَهُرنَ وَتَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنّ . مثل قول الله عز وجلّ { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ } وقول الشاعر : @ وإني لَتَعْرُوني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بَلَّله القطر @@ أي : وإني لتعروني لذكراك سكون ثم يزول عنِّي فأفيق وأنتفض لها كما يعتري العصفور عندما بَلَّله القطر ، فإنه يسكن ثم ينتفض وكذا قوله الآخر : @ فإن كان شجوا فاعذروني على الهوى وإن كان داء غيره فلك العذر @@ أي فاعذرني فلك العذر وإن كان داء غيره فاعذرني أيضا . انظر ابن الصائغ في باب المعرب والمبني . وقال العلامة ابن رشد : في البيان والتحصيل " يَطهرن " بمعنى : يَتَطَهَّرْنَ بدليل قراءة التشديد ولو كان الأول في الدّم والثاني للماء لجاز بالاول ما لم يجز بالثاني ، إذ لا يقال : لا تقم حتى يأتي زيد ، فإذا أتى عمرو فافعله . وقال ابن عبد البر في الاستذكار : الحجة للمشهور أنهم جعلوها كالحيض في العدة فأوجبوا لزوجها عليها الرجعة ما لم تغتسل بالماء فإن قيل : الله تعالى قال : " حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ " . وَحَتَّى غاية لما بعدها بخلاف ما قبلها ؟ فالجواب : بأنه قد يقع التّحريم بشيء آخر ولا يزول بزواله لعلة أخرى ( تخلفه ) كقوله تعالى في المبتوتة : { فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } وليس بنكاح الزوج تحل له حتى يطلقها الزوج وتعتد منه . انتهى . قلت : ونقل صاحبنا الفقيه أبو عبد الله أحمد بن علي بن ميمون النّجار عن بعضهم أنه تعقب على ابن رشد بأن التطهير بالماء يستلزم الطّهر من الدم فصار كقوله : لا تفعل كذا حتى يأتي زيد فإذا دخل عندك زيد فافعله . لأن دخوله مستلزم لإتيانه . وهذا الكلام جائز بلا شك وذكرته لشيخنا ابن عرفة فاستحسنه وأجاب عن كلام ابن عبد البر بأنّ ( المبتوتة ) خرجت بالإجماع لإجماعهم على أنها لا تحل للأول حتى يطلقها الثاني ومسألتنا فيها ( الخلاف ) . قلت : وبين الأصوليين خلاف في لزوم عكس العلة الشرعية ، وأشار إليه ابن بشير في النكاح الأول ، وكلام ابن عبدالبر مبني على عدم انعكاسها . قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ … } . التَّشديد لتكثير التَّوبة ودوامها ، فقد تكون توبة واحدة لكنّها دائمة فمن يذكر المعصية ويندم عليها تائب ، ومن يذكرها ويتشوّق لعودته إليها غير تائب لأنه مصر عليها ، وتارة يقف ولا يندم ولا يتشوّق إلى العودة ، واختلفوا هل تجب التوبة في كل زمن هو فيه ذاكر للمعصية ، أم لا تجب على قولين ؟