Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 27-27)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ … } حكى ابن عطية في هذه الجملة خلافا هل هي استئأنفا أو من تمام ما قبلها ؟ قال ابن عرفة : إن راعينا مقام التخويف وترتّب الذّم على كل وصف من هذه الأوصاف جعلناه كلاما آخر مستأنفا ، وإن راعينا مناسبة اللَّفظ فترد لما قبلها . واختلفوا في العهد ما هو ؟ ابن عرفة : والظاهر أن نقض العهد راجع إلى الإقرار بوحدانية الله تعالى . وقطع ما أمر الله به أن يوصل راجع إلى الإقرار بالرسالة . وأشار إليه ابن عطية فهم مكلفون بشهادة أن لا إله إلا الله وأن ( يصلوها ) بشهادة أن محمدا رسول الله فخالفوا في الأمرين فعهد الله هو الدليل الدال على وحدانيته ونقضه هو المخالفة فيه . ابن عطية : وقال بعض المتأوّلين إنّ العهد هو ما أخذه الله تعالى على ( بني آدم حين أخرجهم من ظهر آدم كالذرّ { وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُواْ بَلَىٰ } وضعفه الفخر بأنهم حينّذ ليسوا مكلفين فلا يعاقبون على نقض ذلك العهد ) . وأجاب ابن عرفة بأن قال : لا مانع من أنهم كلفوا ( حينئذ ) بالإيمان فآمنوا والتزموا العهد ونسوه ، ثم ذكروا بذلك في الدنيا بهذه الآية وأنظارها ، فمنهم من تذكر وآمن ، ومنهم من بقي فيعاقب لأجل ذلك ( ونظيره ) عندنا أن القاضي إذا حكم بحكم ونسيه فذكره فيه شاهد واحد فإنه ينفذه بشهادته ويرجع إليه وكذلك هذا . قوله تعالى : { مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ … } أي من بعد توثقه وإبرامه . ابن عطية قيل : إنّها لأهل الكتاب ، وقيل : لجميع الكفار ، وقيل : لمن آمن ( ثم ) كفر . ابن عرفة : الظاهر تناولها لكل من صلح صدق هذا اللفظ عليه ، قيل : لتدل على مبادرتهم بالنقص في أول ( أزمنته البعيدة ) . أبو البقاء : " من " لابتداء الغاية في الزمان عند من أجازه وزائدة عند من منعه وهو ضعيف ( لا متناع ) زيادتها في الواجب . قال الصفاقسي : هذا ليس بشيء لأن القبلية والبعدية من صفات الزمان ، فكأن " من " ( تدخل ) على الزمان فلا يحتاج إلى زيادتها قال ابن عرفة : لا يليق به على علمه فإن ابن عصفور وغيره قد تأولوها في مثل هذا على حذف مضاف تقديره مصدرا ، وأعربوا " قبل " و " بعد " إذا انتصبا ظرفي زمان صريحين وقالوا : ظرف الزمان هو اسم الزمان أو عدده أو ما قام مقامه نحو : أتيتك طلوع الشمس أو ما أضيف إليه إذا كان هو أو بعضه . قوله تعالى : { وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ … } قال ابن عرفة : فيه عندي حجة لمن يقول إن لفظ أمر إنما يطلق على الواجب فقط ، وأما المندوب فغير مأمور به إن زعم أنه لإجماعنا على المراد به هنا ( الوجوب ) لترينه الذمّ ( فمن ) يقول : إن المندوب مأمور به إن زعم أنّه حقيقة لزمه الاشتراك . وإن جعله مجازا لزمه المجاز ، وهما معا على خلاف الأصل . ابن عرفة : والصحيح عندي في الأمر اشتراط الاستعلاء فقط ( لاَ ) العلو خلافا للمعتزلة وبعض أهل السنة . قوله تعالى : { وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأرْضِ … } إن أراد بالفساد الأمر الأعم من القول والفعل والاعتقاد فيكون ذلك من عطف العام على الخاص ( وإن أريد به ) الفعل فقط فتكون من عطف الشيء على ما هو مغاير له . قوله تعالى : { أُوْلَـۤئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } عبر بالخسران لأنهم بالعهد والميثاق حصل لهم الفوز والنجاة ، فلما نقضوه ( شبّهوا ) بمن اشترى سلعة للتجارة وكان بحيث إن بادر بيعها لربح فيها ربحا كثيرا فتركها حتى كسد سوقها وباعها بالبخس والخسران . قيل لابن عرفة : هذه الآية تدل على أنّ مرتكب الكبيرة غير مخلد في النار لاقتضائها حصر الخسران في هؤلاء لأن البناء على المضمر يفيد الحصر ؟ فقال : يقول الزمخشري : إنه لمطلق الربط لا للحصر كما قال في { وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ }