Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 38-38)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدىً … } قال الزمخشري : إن قلت لم جِيءَ بكلمة الشك وإتيان الهدى كائن لا محالة لوجوبه ، قلت : فائدته الإعلام ( بأن الإيمان ) بالله ( وتوحيده ) لا يشترط فيه بعثة الرسل ؟ قال ابن عرفة : هذا السؤال إنما يرد على مذهبه لأنه يقول : إنّ إرسال الرّسل واجب عقلا . وجوابه ضعيف ، بل هو مؤكد للسؤال ( وبيانه ) أن يقول : إتيان الهُدى محقق الوقوع إمَّا من جهة العقل المقتضي لوجوب بعثة الرسل ، ( أو ) من جهة ( الوجود ) الخارجي لأن التوحيد موجود ( فإتيان ) الهدى محقق . قال : فحقه ( كان ) أن يجيب بما ( عادته ) أن ( يجيب ) به . وهو أنّ هذا على عادة الملوك ( في خطاباتهم أن يعبروا عن الأمر المحقق الوقوع باللفظ المحتمل ) لأن خطاباتهم كلّها محققة . وأجاب الطيبي : أن الشك راجع ( إلى اتّباع الهدى ) لا إلى نفس الهدى والإتباع غير محقق . قال ابن عرفة : وهذا كله لا يحتاج إليه على مذهبنا لأن إرسال الرسل إنما يجب ( عندنا ) بالشرع لا بالعقل ، ولم يكن حينئذ شرع بوجه فكان الأمر محتملا . قال الطيبي : أكد أول الفعل بـ " إما " وأخره بالنون الشديدة . قال ابن عرفة : قد قالوا في قول ابن دريد في مقصورته : @ أما ترى رأسي ( حكى ) لونه طرّة صبح تحت أذيال الدجى @@ ( " إما " زائدة للتأكيد ) ونابت مناب تكرير الفعل فكأنه قال : إنْ تَرَ تَرَ . وكذلك هنا تأكيد أوله مناف تكريره وتأكيد آخره راجع إلى تحقيق وقوعه وتثبيته . قوله تعالى : { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } قالوا : سبب الخوف مستقبل وسبب الحزن ماض فإن قلت : على هذا كان يقال : فلا ( حزن ) عليهم ولا يخافون فهو أرتب ليعبر عن المستقبل ( بصيغة ) المستقبل . ( قال ) : فالجواب عن ذلك أنه إشارة إلى ( تكرر ) الحزن منهم المرة بعد المرة ، وتذكر الإنسان أمرا ( مضى ) أقرب من تذكره أمرا مستقبلا وتأسفه على الماضي المحقق الوقوع أشد من حزنه على المستقبل ، لأنّه ( يتكرّر تذكره الماضي ) شيئا بعد شيء ، ( بل ) فمهما تذكره يحزن عليه فعبر عنه بالفعل المقتضي للتجدد وليس كذلك المستقبل بوجه .