Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 54-54)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم … } الظلم هنا المراد به الكفر لتقيّده ( باتخاذ ) العجل . قال الله تعالى : { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } وقال جلّ ذكره : { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ } هو مطلق فلذلك أشكل على الصحابة رضي الله عنهم ، وَقَالوا : أيُّنَا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ قال ابن عرفة : وقدم المجرور هنا على المفعول ، والأصل تأخيره عنه ، ولا ( يقدم ) إلا لنكتة ( تتوخى ) والحكمة في ذلك أن النداء إقبال على المنادى ، وتخصيص له فلو قيل : ( وإذ ) قال موسى : يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم لقومه . لما كان لقومه فائدة بخلاف قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لاۤ أَبْرَحُ } فإن تقديم المجرور هناك ( بمعنى ) آخر وهو الاعتناء بالمقول له وتشريفه ، والاهتمام به وتخصيصه بتلك المقالة دون غيره ، وبين ( بقوله ) : { ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُم } أن الله تعالى منزه عن أن يناله شيء من ظلمهم ، وإنما ضرر ذلك راجع ( إليهم ) . قال ابن عرفة : وهذا ( يشبه المحدود ) ، فإنه لا تنفع فيه الشفاعة ، ولا ( تسقطه ) التوبة كما قال الإمام مالك رضي الله عنه في المحارب : إذا قتل ( أحدا ) فعفا عنه وليه ، أنّ الحد لا يرتفع لأن الحق لله تعالى ، فلذلك قال : { فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } وهذا بيان للتوبة ، ( و ) الفاء ( للتسبيب أو للتعقيب ) . قوله تعالى : { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ … } الإشارة إلى التوبة بشرطها ، وهو القتل ، و ( خير ) هذا إما ( فعل ) ، لأن ( ضده ) وهو عدم التوبة لا خير فيه ، أو أفعل مِن ، لأنّ ضده المشارك له في مطلق الخيرية هو التوبة مع علم قتل الأنفس . قوله تعالى : { فَتَابَ عَلَيْكُمْ … } إما علم أنكم تتوبون ، وإما على المعنى ألهمكم ( للتوبة ) أو يسرّها لكم . قوله تعالى : { إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } قال ابن عرفة : الوصف بالرحيم دليل لنا على المعتزلة في إبطال قاعدة التحسين والتقبيح ، وأن الله تعالى لا يجب عليه شيء لاقتضائها أن توبته على ( العصاة ) محض رحمة منه وتفضل ( لأن ) الدليل اقتضى وجوب ذلك عليه ، قال الإمام فخر الدين الرازي . قال ابن عرفة : يقال : إنه إنما لم يقل : فقتلوا لأن توبتهم ( ملزومة ) لقتلهم ( أنفسهم ) ، فلا يبق للقتل بعد ذلك محل ، لأنهم قد ماتوا حين التوبة .