Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 59-59)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ … } قال ابن عرفة : يكون القول بذاته مصروفا ( لنقيض ) الشّيء ، فينصرف إلى ذلك الشيء باعتبار حال المخاطب ، وعَبّر بـ " الَّذِينَ ظَلَمُواْ " ولم يقل : فَبَدَّلَ الظالمون ، لأن تعليق الذم على الوصف الأعم يستلزم الذم على الأخص من باب أحرى ، ( وكذلك ذمّهم على ) تبديل القول يستلزم ( ذمهم ) على تبديل الكلام ( من باب أحرى ) لأنه إذا ( بدل ) أحد قرار المركب انتفى عنه التركيب . فإن قلت : هؤلاء إنما بدلوا غير القول الذي قيل لهم ، ومن بدل غير ( ما ) قيل له يذم ، وإنّما يذم من بدل لا ما قيل له ( بغيره ) ؟ فالجواب بوجوه : إما بأن في الآية حذفا ، أي فبدل الذين ظلموا فقالوا قولا غير الذي قيل لهم ، ويكون ذلك تفسيرا للتبديل كيف هو ، وإما بأن ( يشوب ) " بدل " معنى أتى أي فأتى الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ، وإما بأن يكون " بدل " ( تعدى ) إلى الثاني على إسقاط حرف الجر أي فبدل الذين ظلموا قولا بغير الذي قيل لهم . وذكر أبو حيان أن البدل قد يتعدى إلى المبدل وهو المعطي بنفسه وإلى ( المبدل به ) وهو المأخوذ بواسطة حرف الجر وأنشد عليه : @ وبدلت والدهر ذو تبدل ( هيفا ) دبورا بالصبا والشمأل @@ والتقدير هنا فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم بالقول الذي قيل لهم . قال ابن عرفة : وهو كقوله عز وجل : { وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ } قال ابن عرفة : وأخذ منه منع نقل الحديث بالمعنى ، ( ورد بأنهم ) إنما ذموا على تبديل اللّفظ والمعنى . و ( أجيب ) بأن الذم إنما علل ( بتبديلهم القول ، والقول إنما يطلق على اللفظ فقط ) وأيضا فلعل هذه اللّفظة متعبد بها فلذلك ذموا على تبديلها . ( ورده ) ابن عرفة ( بأنه يلزمكم ) التعليل بأمرين . قال القاضي أبو جعفر بن الزبير : وقال هنا { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } فعمم ثم خصص ذلك العموم بالأعراف بزيادة منهم لأن المخاطبين ليسوا سواء في الامتثال قال الله عز وجل : { مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } ولذلك أعاد الظاهر فقال : { فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } ( لتختص ) العقوبة بالظالمين ، ولو قال : عليهم لاحتمل العموم وهو غير مقصود . قال : فإن قلت لم قال هنا : { بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } وفي الأعراف { بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ } وأجاب بأنه في البقرة وصفهم أولا بالوصف الأعم الصادق على أدنى المعاصي وأعلاها وهو الظلم ثم بالأخص وهو الفسق فقال : { وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ثم قال هنا : { رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } وفي الأعراف وصفهم بالظلم في قوله : { بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ } ثم بالفسق فقال : { وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ } إلى قوله { بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }