Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 65-65)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَوْاْ مِنكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ … } فرق الفخر في المحصول بين العلم والمعرفة ، أن العلم من قسم التصديق والمعرفة من التصور . ( فردّ ) عليه بقوله : عرفت زيدا أبا من هو ؟ وأجيب بأن متعلق العلم تصديق ومتعلق المعرفة تصور . وانظر ما قيدت في سورة الرّحْمَان ، انتهى . قوله { فِي ٱلسَّبْتِ } . ( قال ابن عطية ) : والسبت أي في يوم السّبت أو ( في ) حكم السّبت . قال ابن عرفة : الاعتداء إنما يتعلق بحكم اليوم لا بنفس اليوم فلا بد من ( تقرير ) لفظ الحكم . ابن عطية : السّبت إمّا من السّبوت وهو الراحة والدعة ، وإما بمعنى القطع . قال ابن عرفة : هما راجعان للقطع لأنّ الراحة إما تحصل بقطع الشواغل والمشوشات ، أو هما متغايران تغاير العلة والمعلول فالقطع سبب في الراحة . قال ابن عرفة : ( واعلم أن ) هذا إنذار لهؤلاء الحاضرين أي ( أولئك ) عوقبوا بالمسخ مع أنهم مؤمنون بموسى ، ومعصيتهم إنما هي بالتعدي في السبت ( وفيها سوى الكفر ) فهؤلاء الكافرون بالرسول الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فمعصيتهم أشد . قوله تعالى : { خَاسِئِينَ } . ( قيل ) : حال من فاعل " كُونُواْ " ومنع أبو حيان والطيبي أن يكون حالا من { قِرَدَةً } إذ لو كان حالا منها لقيل : خاسئة . ورده ابن عرفة بجواز : من كانت أمك ، ومن كان ( أمك ) ؟ فقد أجازوا تذكير اسم كان مراعاة للفظ ( مع أن خبره مؤنث ) فلذلك يصح إتيان الحال جمع سلامة بالياء والنون من خاسئة وإن كان جمع ما لا يعقل لكونه خبرا عن مذكر عاقل . قال ابن عطية : وثبت أن الممسوخ لا ينسل ولا يأكل ولا يشرب ولا يعيش أكثر من ثلاثة أيام . قال ابن عرفة : وقول الإمام مالك رضي الله عنه : إن القرد لا يؤكل لأنه مسخ يريد أنه شبيه ( بالممسوخ ) وعلى صفته . وخرّج مسلم في كتاب ( الزهد ) والرقائق في صحيحه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ( فقدت ) أمة من بني إسرائيل لا ( يدرى ) ما فعلت ( وإني لأراها ) إلا الفأرَ إذا وضع لها ألبان الإبل لا تشربه فإذا وضع لها ألبان الشاء شربته " قلت : وخرجه الإمام البخاري في كتابه . ( ابن عطية ) : ظاهره أن الممسوخ ينسل ، فإذا كان أراد هذا فهو ظن منه عليه الصلاة والسلام لا مدخل له في التبليغ ثم أوحي إليه بعده أنه لا ينسل . قلت : ( وكذا تأوله ابن رشد في كتاب الجامع الثالث من البيان . ونظير هذا نزوله عليه السلام على مياه بدر ، وأمره لهم بترك تذكير النّخل فلم يثمر ذلك العام إلا يسيرا فقال لهم عليه الصّلاة والسلام : " إذا أخبرتكم برأي من أمور دنياكم فإنما أنا بشر وأنتم أعلم بدنياكم " . ( قلت ) : وخرّج مسلم في كتاب الصيد والذبائح " عن جابر ابن عبد الله قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فأبى أن يأكل منه وقال : " لا أدري لعله من القرون التي مسخت " . وخرج أيضا عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال : " قال رجل : يا رسول الله إنّا بأرض مضبة فما تأمرنا ؟ قال : ذكر لنا أن أمة من بني إسرائيل مسخت " ( فلم يأمر ولم ينه ) . وفي رواية " غضب الله على ( سبط ) من بني إسرائيل فمسخهم دواب يدبون في الأرض : فلا أدري لعل هذا منها ، ( فلست ) آكلها ولا أنهى عنها " . قال ابن عرفة : فإن قلت : يعارض حديث مسلم ، أي هذا الحديث لأنه أفاد بأن ( الممسوخ ) لا يعيش أكثر من ثلاثة ( أيام ) ؟ فيجاب بأن مراده في الضب أنه مثل المسخ . قيل لابن عرفة : ( مثل المسخ ) كونه شبيها لا يوجب تحريمه ؟ فقال : حرمه لأنه مسخت أمة على صفته ( فلولا أنه مستقبح مستكره عند الله لما مسخت تلك الأمة على صفته ) . فقيل له : أو يكون هذا الكلام منه قبل أن يوحى إليه لحديث : أن ( الممسوخ ) لا يعيش أكثر من ثلاثة أيام والضبّ ( حيوان ) يشبه الحرضون إلا أن لونه أسود وسيره غير مسرع يكون في الصحاري . قلت : وخرج مسلم في آخر كتاب القدر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال رجل : يا رسول الله القردة والخنازير هي مما مسخ ؟ فقال / النّبي صلى الله عليه وسلّم : " إن الله عز وجل ( لم ) يهلك قوما ويعذب قوما فيجعل لهم نسلا ، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك " . ( ذكره في باب ضرب الآجال وقسم الأرزاق ، انتهى ) . وهذا إنذار للموجودين ( حين ) نزول الآية . أي القوم المتقدمون منكم عوقبوا مع أنهم مؤمنون بعيسى عليه السلام ، ومعصيتهم إنما كانت في الفروع ، وأنتم كافرون فمعصيتكم أشد وعقوبتكم أشد . وجعل ابن التلمساني شارح المعالم صيغة أفعل هنا للتكوين كما قال ابن عطية .