Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 71-71)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ … } فسره الزمخشري بوجهين : إما نفي الإشارة فهو على إضمار " لاَ " أي لا تثير الأرض ولا تسقي الحرث ، وإما على إثبات الإشارة ونفي السقي أي هي تحرث ولا تسقي . ورد هذا بأنها إذا انتفى عنها أنّها ذلول ثبت كونها صعبة غير مذللةٍ فلا تطاق لا إلى الحرث ولا إلى سقي . وأُجيب عنه بأن ذلولا من أبنية المبالغة فما انتفى عنها إلا الأخص ( ( من ) الذلة فهو نفي ( للأخص ) ، ولم ينتف عنها مطلق الذلة ( فهي متوسطة ) فلولا كانت صعبة جدا ما حرثت ولا سقت ، ولو كانت ذليلة ) ) فهي منقادة لا صعبة ولا مذللة . وقال الطيبي : يحتمل أن يكون من نفي الشيء بنفي لازمه مثل قول امرىء القيس : @ على لاَحِبٍ لا يهتدي بمناره @@ ابن عطية : إنما ذلك حيث يذكر لازم الشيء فقط فيكون نفيه نفيا للملزوم وهنا ( ذكر ) ( الملزوم ) ولازمه منفيين فليس من ذلك القبيل إلا لو قيل : لا تثير الأرض ولا تسقي الحرث ولم يقل : لا ذلول . ورد هذا بأن مراد الطيبي ( أنّ ) نفي ( الذلّة ) عنها ونفي السقي يستلزمان نفي ( إثارتها ) الأرض ، لأن الإثارة في ( الآية ) مثبتة غير منفية ، وهو مثل قول الله تعالى : { وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } قال الزمخشري : إنه مثل قوله . @ على لاَحِب لا يهتدي بمناره @@ ( ( أي ليس هناك خبير فينبئك ، وكذا ( كمثل ) قولهم هذا يوم ( لا ) ينادي وليد أي ليس فيه وليد فينادي ) ) ومثل قول صاحب البردة : @ فذلك حيِنَ بُلوغٍ من نُبُوَّتهِ فليس يُنْكَر حالُ محتلِمِ @@ أي ليست له حال محتلم فتنكر . فإن قلت : الذّلة والإثارة متلازمان ؟ قلنا : الذلة في الآية منفية ، والإثارة مثبتة ، و ( لا ) يتم ما قال الطيبي إلا إذا ( أعرب ) " تثير الأرض " صفة لـ " ذلول " فمعناه لا ذلول مثيرة ( الأرض ) أي ليست مثيرة الأرض فيكون ذلولا كمعنى البيت المتقدم أي ليس له منار يهتدي ( به ) ، وإن أعربناه صفة للبقرة أو استئنافا أو حالا ( فما يجيء ) فيه ذلك التفسير ، وإذا كان صفة لـ " ذلول " فيكون النفي مسلطاً على الموصوف وصفته ، ( وقصده ) ثبوت أحدهما فتكون إما ذلول غير مثيرة ولا مسقية وإما ذلول فقط كقولك : لا رجل صالح في الدار . وضده احتمال كونه : فيها رجل غير صالح ، ( أو أنها ليس ) فيها أحد . قال ابن عرفة : وأخذوا من الآية أن الأمور الجزئية المشخّصة يمكن تعريفها بالخاصة ، لأن التعريف بالخواص إنما يكفي عندهم في الأمور الكلية ، أما الجزئية فإنها تعرف بتعيينها والإشارة إليها ، إذ في الممكن أن يكون في الوجود غيرها مختصا بتلك الصفات . قال : وعادتهم يجيبون بأن الزمان والمكان هنا معينان ، فلذلك اكتفى بالتعريف بالخواص ولو كان الزمان ( مُبْهَما ) لقلنا : في الجائز أن يوجد من هو على تلك الصفة في زمن من الأزمان ، أو في غير ذلك المكان إما في ذلك الزمان وإما في ذلك المكان ( فيتعين ) أن الموصوف شيء واحد لا يحتمل غيره . واحتجوا بهذه الآية على أبي حنيفة رضي الله عنه لأنه ( يمنع ) السلم في الحيوان على الصفة ، وقال : لا ( تخصصه ) الصفة ، فنقل عنه القرطبي هنا وابن يونس المنع في الحيوان بالإطلاق ، ونقل عنه غيرهما أنه خصص ذلك ( ببني ) آدم . قال ابن عرفة : وله أن يجيب بأن الغرر في البيع معتبر ، وهذا ليس ببيع ( فلا ) يلزم من جواز الاكتفاء ( بالصفة ) هنا الاكتفاء بها هنالك . انتهى .