Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 85-85)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ } يحتمل أن يكون الإثم هو مواقعة الذنب خطأ من غير قصد ، والعدوان مواقعة ( الذنب عن قصد ) . قوله تعالى : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ … } أنكر عليهم تناقضهم كما هو في قول الله عز وجل { أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنفُسَكُمْ } ليس المنكر كل واحد ( من الأمرين ) على حدته ، لأن الإيمان ( بالبعض ) وأمر الناس بالبر غير منكر ، إنما المنكر ( الكفر ) بالبعض ( وعدم ) الاتصاف بالبر ، والمنكر ( الجمع بين ) الأمرين . وعبر بالفعل المضارع للتصوير والدوام . قيل لابن عرفة : في الآية حجة لمن يقول بوجوب فِدَاء الأسارى لقوله تعالى : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ } بعد أن قالوا : { وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ } فدل على أن ( فداء ) الأسارى ( من جملة ) ما في كتابهم . فإذا قلنا : إن شرع من قبلنا شرع لنا ، نقول : إن الفداء في شرعنا واجب ؟ ( فقال : نعم ) . قوله تعالى : { فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ … } ولم يقل : من فعل . قال ابن عرفة : في التعبير بالمضارع ترج وإطماع لهم في العفو ، ( لأن ) من فعل ذلك في الماضي وتاب لا يجازى بالخزي ، إنما يجازى به من لم يتب . قوله تعالى : { يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ … } إن قلت : ( الرد ) يقتضي تقدم الحلول في المردود إليه ؟ قلنا : هؤلاء كانوا فيما هو من جنس ذلك العذاب لأن العذاب نالهم في الدنيا . قال الله تعالى : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ } فإن قلت : كيف هو أشد وعذاب المنافقين أشد وعذاب الدهرية أشد لنفيهم الصانع ؟ قلنا : الأشديّة مقولة بالتشكيك ، أو المراد أشد العذاب الّذي علم الله حلوله بهم في الدنيا والآخرة ، فلا ينافي أن يحل بغيرهم ما هو أشد منه . فعذاب الدهرية أشد ، وعذاب المجوس أشد ، وكان بعضهم يقول : إن الدهرية لم يدّعوا نفي وجود الصّانع إنّما قالوا : { وَمَا يُهْلِكُنَآ إلاّ ٱلدَّهْرُ } فادّعوا أن لهم خالقا أوجدهم فقط ، أو ( يقال ) : قوله تعالى : { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } لم يعين أنه أسفل الطبقات نصا فالمراد أنه أسفل من غيره بالإطلاق فيصدق بكونه أسفل من طبقة ( ما منها ) . قلت : الآية خرجت مخرج الذم للمنافقين و " الدَّرْكِ " معرّف بالألف واللام العهدية ، والمعهود ( هنا ) في الأسفل إنما هو ما بلغ الغاية في الانخفاض لا سيما إن قلنا : ( الأصح ) الأخذ بأواخر الأشياء . قيل لابن عرفة : ظاهر الآية أنّ من كفر بالجميع عذابه أخف من عذاب من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعضه مع أن كفر الأول أشد ؟ فأجاب : بأن الإيمان بالبعض دليل على حصول ( العلم ) وكفر العالم أشد من كفر الجاهل . قلنا : أو يجاب بأن ( عذاب ) الجميع ( متساو ) فيصدق على كل فريق أن عذابه أشد ، وهم مستوون في الأشدية ، أو المراد أشد العذاب المعهود في الدنيا ، لأن عذاب الدنيا على أنواع : ( منها ) الضَّرب والسجن ، وأشدها عذابا النّار أي يردون إلى عذاب النار .