Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 97-97)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ … } قال الزمخشري ! روي أنه كان ( لعمر ) أرض بأعلى المدينة وكان ( ممرّه ) على مدارس ) اليهود ، فسألهم عن جبريل ، فقالوا : ذلك عدوّ لنا يطلع محمدا على أسرارنا . وقال ابن عطية : سبب نزول الآية أنّهم سألوا النّبي صلى الله عليه وسلم عن أربعة أشياء ( منها : أنهم ) سألوه عمّن يجيئه من الملائكة بالوحي ؟ فقال : جبريل . فقالوا : ذلك عدوّ لنا لأنه ملك الحروب والشدائد . قال ابن عرفة : هذا جهل ومحض مكابرة ، ولقائل أن يقول : إن السبب غير مطابق للآية ، لأنهم أخبروا أن جبريل عدو لهم ، والآية اقتضت أنهم أعداء لجبريل ، ( ولا يلزم ) من عداوة أحد الشخصين للآخر أن يكون الآخر عدوا له . وأجيب بأن هذا خرج مخرج الوعيد لهم ، لأن جبريل ذو قوة وسطوة ، فإذا خالفوه ودافعوه مع علمهم بقوته فقد عادوه . قال ابن عرفة ؛ الظاهر أن " مَنْ " موصولة لأن الشرطية لا تقتضي وجود شروطها ولا إمكان وجوده ، والعداوة ثابتة موجودة كما تقدم فهى موصولة . قال الزمخشري : فإن قلت : كيف يصح قوله : { فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ } جزاء للشرط ؟ وأجاب بوجهين : أحدهما أنهم لو أنصفوا لشكروا جبريل على إنزاله كتابا ينفعهم ويصحح كتابهم . الثاني إن عاداه أحد فالسبب في عداوته أنه نزَّل عليك القرآن مصدقا لكتابهم . قال ابن عرفة : إنما احتاج إلى هذا ( السؤال ) لأنه فهم أن الارتباط بين الشرط والجزاء لا يكون إلا لزوميا ، وهو عند الأصوليين يكون لزوميا . ويكون اتفاقيا ، لكنّه في محل الاستدلال لا يصح أن يكون إلا لزوميا . وفي الخبر يصح فيه الأمران . ( نعم لا بد من المناسبة وصحة ترّتبه على الشرط ) كقولك : إن تكرم زيدا فقد أكرمه غيرك . فإنه لا ارتباط بينهما إلا في الزمان أو في الذّكر خاصة فهو اتّفاقي . قلت : ولما ذكر ابن عرفة في الختمة الأخرى هذين الجوابين قال : أو يقال : إن في هذا ردا على من زعم أن جبريل غلط في الرسالة ، وهي مسألة العتبية في كتاب المرتدين والمحاربين في رسم ( يدير ) ماله من سماع ابن القاسم . قال : فيمن قال : إن جبريل أخطأ بالوحي وإنما كان النّبي علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يستتاب فإن تاب وإلا قتل . ابن رشد : هذا كفر صريح فإن أعلنه استُتِيب ، وأن أسرّه بلا استتابة كالزنديق . قوله تعالى : { فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ … } قيل لابن عرفة : يؤخذ منه تسمية بعض القرآن قرآنا لأنه لم يكن حينئذ أنزل جميعه بل بعضه ؟ فقال : يجاب إما بإيقاع الماضي موقع المستقبل أو بأن الضمير في " نَزَّلَهُ " عائد على المتلوّ من القرآن لا ( على ) نفس القرآن . ( أقول : أو إن الضمير يعود على ما أخبر به جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسرارهم الّذي كان سببا في عداوتهم ، له كما تقدم في سبب النزول من قولهم لعمر رضي الله عنه ، وهو قريب من الجواب الثاني ) ، وتقدم في الختمة الأخرى . قال بعض الطلبة ( لابن عرفة ) : اعتزل الزمخشري فقال : إذا كانت عداوة الأنبياء كفرا فما بالك بعداوة الملائكة وهم أشرف ! فجعله أشرف من بني آدم ولا ينبني عليه كفر ولا إيمان ؟ قال ابن عرفة : فقوله على هذا { مَن كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ } تدل ، وهو من باب التذييل لما قبله ، ومعناه أن يكون اللّفظ بزيادة قوله تعالى : { وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاَّ ٱلْفَاسِقُونَ } فيه دليل على أن الاستثناء من النفي إثبات . قيل لابن عرفة : من ( عاداك ) فقد عاديته فما أفاد قوله : { فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } فقال ( العداوة ) ليست متعاكسة النسبة بدليل قول الله عز وجلّ ! { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ } مع أن الآباء ليسوا أعداء لأولادهم . قيل له : هي متعاكسة ؟ فقال : " من " خارج بالدليل العقلي لا من جهة اللفظ والمادة .