Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 21-35)

Tafsir: Ġarāʾib al-Qurʾān wa-raġāʾib al-furqān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القراءات : { إني أخاف } بفتح الياء : أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو وخلف . { لا يرى } بالياء التحتانية مبنياً للمفعول { إلا مساكنهم } بالرفع : عاصم وحمزة وخلف وسهل ويعقوب . والباقون { لا ترى } على خطاب كل راء { مساكنهم } بالنصب { بل ضلوا } بإدغام اللام في الضاد : عليّ . { وإذا صرفنا } بإدغام الذال في الصاد وكذا ما يشبهه : أبو عمرو وعليّ وهشام وحمزة في رواية خلاد وابن سعدان وأبي عمرو { يقدر } فعلاً مضارعاً من القدرة : سهل ويعقوب . الوقوف : { عاد } ط لأن " إذ " يتعلق بأذكر محذوفاً وهو مفعول به . هذا قول السجاوندي ، وعندي أن لا وقف . وقوله " إذ " بدل الاشتمال من { أخا عاد } . { إلا الله } ط { عظيم } ه { آلهتنا } ج لتناهي الاستفهام مع تقيب الفاء { الصادقين } ه { عند الله } ز لاختلاف الجملتين لفظاً ولكن التقدير وأنا أبلغكم { تجهلون } ه { ممطرنا } ط لتقدير القول { به } ط لأن التقدير هذه ريح { أليم } ه لا لأن ما بعده صفة { مساكنهم } ط { المجرمين } ه { وأفئدة } ز لعطف الجملتين المختلفتين والوصل أولى للفاء واتحاد الكلام { يستهزؤون } ه { يرجعون } ه { آلهة } ج لتمام الاستفهام { عنهم } ج لعطف الجملتين { يفترون } ه { القرآن } ج لكلمة المجازاة مع الفاء { أنصتوا } ج لذلك { منذرين } ه { مستقيم } ه { أليم } ه { أولياء } ط { مبين } ه { الموتى } ط { قدير } ه { النار } ط لتقدير القول { بالحق } ط { وربنا } ط { تكفرون } ه { لهم } ط { يوعدون } ه لا لأن ما بعده خبر " كأن " { نهار } ط { بلاغ } ج للاستفهام مع الفاء { الفاسقون } ه . التفسير : إنه سبحانه بعد حكاية شبه المكذبين والأجوبة عنها ، وبعد إتمام ما انجر الكلام إليه ، أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يذكر قومه بقصة هود أعني أخا عاد لأنه واحد منهم . والأحقاف جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشيء إذا اعوج ، ويقال له الشحر من بلاد اليمن . وقيل : بين عمان ومهرة . والنذر جمع نذير مصدر أو صفة . الواو في قوله { وقد خلت } إما أن تكون للحال والمعنى أنذرهم وهم عالمون بإنذار الرسل من قبل ومن بعده ، وإما أن يكون اعتراضاً والمعنى واذكروا وقت إنذار هود قومه { ألا تعبدوا إلا الله } وقد أنذر من تقدمه من الرسل ومن تأخر عنه مثل ذلك فأذكرهم قوله { لتأفكنا } أي لتصرفنا عن عبادة آلهتنا . قوله { إنما العلم عند الله } أي لا علم لي بالوقت الذي عينه الله لتعذيبكم فلا معنى لاستعجالكم ولهذا نسبهم إلى الجهالة ، وأيّ جهل أعظم من نسبة نبي الله إلى الكذب . ومن ترك طريقة الاحتياط ومن استعجال ما فيه هلاكهم ، والضمير في قوله { فلما رأوه } عائد إلى الموعود ، أو هو مبهم يوضحه قوله { عارض } أي سحاب عرض في نواحي السماء . والإضافة في قوله { مستقبل أوديتهم } و { ممطر } لفظية ولهذا صح وقوعها صفة للنكرة . والتدمير الإهلاك والاستئصال . وفي قوله { بأمر ربها } إشارة إلى إبطال قول من زعم أن مثل هذه الآثار مستند إلى تأثيرات الكواكب بالاستقلال . ثم زاد في تخويف كفار مكة وذكر فضل عاد في القوة الجسمانية وفي الأسباب الخارجية عليهم فقال { ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه } قال المبرد : " ما " موصولة و " إن " نافية أي في الذي لم نمكنكم فيه . وقال ابن قتيبة : " إن " زائدة وهذا فيه ضعف لأن الأصل حمل الكلام على وجه لا يلزم منه زيادة في اللفظ ، ولأن المقصود فضل أولئك القوم على هؤلاء حتى يلزم المبالغة في التخويف ، وعند تساويهما يفوت هذا المقصود . وقيل : " إن " للشرط والجزاء مضمر أي في الذي إن مكناكم فيه كان بغيكم أكثر . وقوله { من شيء } أي شيئاً من الإغناء وهو القليل منه . وقوله { إذ كانوا } ظرف لما أغنى وفيه معنى التعليل كقولك " ضربته إذ أساء " قوله { من القرى } يريد من قريات عاد وثمود ولوط وغيرهم بالشام والحجاز واليمن ، وتصريف الآيات أي تكريرها . قيل : للعرب المخاطبين والأظهر أنه للماضين لقوله { لعلهم يرجعون } عن شركهم ، والأوّلون حملوه على الالتفات . ثم وبخهم بأن أصنامهم لم يقدروا على نصرتهم وشفاعتهم . فقوله { آلهة } مفعول ثانٍ { لا تخذوا } والمفعول الأول محذوف وهو الراجع إلى { الذين } و { قرباناً } حال أو مفعول له أي متقربين إلى الله ، أو لأجل القربة بزعمهم . والقربان مصدر أو اسم لما يتقرب به إلى الله عز وجل . ويجوز أن يكون { قرباناً } مفعولاً ثانياً و { آلهة } بدلاً أو بياناً . قوله { وذلك إفكهم } أي عدم نصرة آلهتهم وضلالهم عنهم وقت الحاجة محصول إفكهم وافترائهم ، أو عاقبة شركهم وثمرة كذبهم على الله . وحين بّين أن الإنس من آمن وفيهم من كفر ، أراد أن يبين أن نوع الجن أيضاً كذلك . وفي كيفية الواقعة قولان : أحدهما عن سعيد بن جبير وعليه الجمهور : كانت الجن تسترق فلما رجموا قالوا : هذا إنما حدث في السماء لشيء حدث في الأرض . فذهبوا يطلبون السبب فوافوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة يصلي بأصحابه أو منفرداً . فمنهم من قال صلاة العشاء الآخرة ومنهم من قال صلاة الصبح ، فقرأ فيها سورة " اقرأ " فسمعوا القرآن وعرفوا أن ذلك هو السبب . وعلى هذا لم يكن ذلك بعلم منه صلى الله عليه وسلم حتى أوحى الله إليه . والقول الثاني " أنه صلى الله عليه وسلم أمر بذلك فقال لأصحابه : إني أمرت أن أقرأ القرآن على الجن فأيكم يتبعني ؟ فأتبعه ابن مسعود ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم شعب الحجون وخط على ابن مسعود وقال : لا تبرح حتى آتيك . قال : فسمعت لغطاً شديداً حتى خفت على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم علا بالقرآن أصواتهم . فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن اللغط فقال : اختصموا إليّ في قتيل كان بينهم فقضيت فيهم . " وفي رواية أخرى " عن ابن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمعك ماء ؟ قلت : يا رسول الله معي إداوة فيها شيء من نبيذ التمر . فاستدعاه فصببت على يده فتوضأ فقال : تمرة طيبة وماء طهور . " واختلفوا في عددهم : عن ابن عباس : كانوا تسعة من جن نصيبين أو نينوى . وقال عكرمة : كانوا عشرة من جزيرة الموصل ، وزر بن حبيش : كانوا تسعة ومنهم زوبعة . وقيل : اثني عشر ألفاً . ولنرجع إلى التفسير . قوله { وإذ صرفنا } معطوف على قوله { أذكر أخا عاد إذ أنذر } ومعنى صرفنا أملناهم إليك ، والنفر ما دون العشرة ويجمع على أنفار . والضمير في { حضروه } للنبي صلى الله عليه وسلم أو القرآن { قالوا } أي قال بعضهم لبعض { أنصتوا } والإنصات السكوت لاستماع الكلام { فلما قضى } أي فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من القراءة . وإنما قالوا { أنزل من بعد موسى } لأنهم كانوا يهوداً أو لأنهم لم يسمعوا أمر عيسى قاله ابن عباس { أجيبوا داعي الله } عنوا رسول الله أو أنفسهم بناء على أنهم رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومهم ، ومنه يعلم أنه صلى الله عليه وسلم كان مبعوثاً إلى الجن أيضاً وهذا من جملة خصائصه . وحين عمموا الأمر بإجابة الداعي خصصوه بقولهم { وآمنوا به } لأن الإيمان أشرف أقسام التكاليف . و " من " في قوله { من ذنوبكم } للتبعيض فمن الذنوب ما لا يغفر بالإيمان كالمظالم وقد مر في " إبراهيم " . واختلفوا في أن الجن هل لهم ثواب أم لا ؟ فقيل : لا ثواب لهم إلا النجاة من النار بقوله { ويجركم من عذاب أليم } وهو قول أبي حنيفة . والصحيح أنهم في حكم بني آدم يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون . وقد جرت بين مالك وأبي حنيفة مناظرة في هذا الباب . قوله { فليس بمعجز } أي لا يفوته هارب . قوله { ولم يعي } يقال : عييت بالأمر إذا لم يعرف وجهه . قوله { بقادر } في محل الرفع لأنه خبر " أن " وإنما دخلت الباء لاشتمال الآية على النفي كأنه قيل : أليس الله بقادر ؟ والمقصود تأكيد ما مر في أول السورة من دلائل البعث والنبوّة . ثم سلى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله { فاصبر كما صبر أولوا العزم } وقوله { من الرسل } بيان لأن جميع الرسل أرباب عزم وجد في تبليغ ما أمروا بأدائه ، أو هو للتبعيض فنوح صبر على أذى قومه ، وإبراهيم على النار وذبح الولد ، وإسحق على الذبح ، ويعقوب على فراق الولد ، ويوسف على السجن ، وأيوب على الضر ، وموسى على سفاهة قومه وجهالاتهم ، وأما يونس فلم يصبر على دعاء القوم فذهب مغاضباً ، وقال الله تعالى في حق آدم { ولم نجد له عزماً } [ طه : 115 ] { ولا تستعجل لهم } أي لا تدع لكفار قريش بتعجيل العذاب فإنه نازل بهم لا محالة وإن تأخر ، وإنهم يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا حتى ظنوا أنها ساعة من نهار { هذا } الذي وعظهم به كفاية في بابه وقد مر في آخر سورة " إبراهيم " عليه السلام .