Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 22-25)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ … } الآية : تعديدُ نِعَمٍ منه سبحانه على عباده . وقوله سبحانه : { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } : أي : نسوا الأصنام والشركاء ، وأفردوا الدعاء للَّه سبحانه ، وذكَر الطبريُّ في ذلك ، عَنْ بعض العلماء حكايةَ قَوْلِ العَجَمِ : « هيا شرا هيا » ، ومعناه : يا حَيُّ يَا قَيُّومُ » ، و { يَبْغُونَ } : معناه : يُفسدون . وقوله : { مَّتَاعَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } متاع : خبر مبتدأ محذوفٍ ، تقديره هو متاع ، أو ذلك مَتَاعٌ ، ومعنى الآية : إِنما بغيكم وإِفسادكم مُضِرٌّ لكم ، وهو في حالة الدنيا ، ثم تَلْقَوْنَ عقابه في الآخرة ، قال سفيان بن عُيَيْنة : إِنما بغيكم علَى أنفسِكُمْ متاع الحياة الدنيا : أي تُعَجَّلُ لكم عقوبته ؛ وعلى هذا قالوا : البَغْيُ يَصْرَعُ أهله . قال * ع * : وقالوا : البَاغِي مصروعٌ : قال تعالى : { ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُ } [ الحج : 60 ] ، وقال النبيُّ عليه السلام : " ما ذَنْبٌ أَسْرَعُ عُقُوبَةً مِنْ بَغْيٍ " . وقوله سبحانه : { إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } أي : تفاخُرُ الحياة الدنيا وزينَتُها بالمَالِ والبَنِينَ ، إِذ مصيرُ ذلك إِلى الفَناءِ ؛ كمطرٍ نَزَلَ من السماءِ ، { فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ } ، أي : ٱختلط النباتُ بعْضُهُ ببعض بسَبَبِ الماء ، ولفظ البخاريِّ : قال ابن عباس : { فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ } : فنبت بالماء مِنْ كلِّ لونٍ انتهى . و { أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ } لَفْظَةٌ كثُرت في مثل هذا ، كقوله : { خُذُواْ زِينَتَكُمْ } [ الأعراف : 31 ] والزُّخْرُف : التزيينُ بالألوان ، وقرأ ابن مسعود وغيره : « وتَزَيَّنَتْ » وهذه أصل قراءة الجمهور . وقوله : { وَظَنَّ أَهْلُهَا } : على بابها ، وهذا الكلامُ فيه تشبيهُ جملة أمْرِ الحياة الدنيا بهذه الجُمْلَةَ الموصُوفَة أحوالُهَا ، و { حَتَّىٰ } غايةٌ ، وهي حرفُ ٱبتداءٍ ؛ لدخولها على « إِذا » ، ومعناهما متَّصِلٌ إِلى قوله : { قَادِرُونَ عَلَيْهَا } ، ومن بعد ذلك بدأ الجوابُ ، والأمْرُ الآتي : واحدُ الأمور ؛ كالرِّيحِ ، والصِّرِّ والسَّمُومِ ، ونحوِ ذلك ، وتقسيمُهُ { لَيْلاً أَوْ نَهَارًا } ، تنبيهٌ على الخَوْف وٱرتفاع الأمْنِ في كلِّ وقت ، و { حَصِيداً } ، بمعنى محصوداً ، أي : تالفاً مستهلكاً ، { كَأَن لَّمْ تَغْنَ } : أي : لم تنضر ، ولم تنعم ، ولم تعمر بغَضَارتها ، ومعنى الآية : التحذير من ٱلاغترار بالدنيا ؛ إِذ هي معرَّضة للتلف ؛ كنبات هذه الأرض وخَصَّ المتفكِّرين بالذكْر ؛ تشريفاً للمنزلة ؛ وليقَعَ التسابُقُ إِلى هذه الرتبة . { وَٱللَّهُ يَدْعُواْ إِلَى دَارِ ٱلسَّلَـٰمِ … } الآية : نصٌّ أن الدعاء إِلى الشرْع عامٌّ في كل بَشَرٍ ، والهداية التي هي الإِرشادُ مختصَّةٌ بمَنْ قدِّر إِيمانه ، و { ٱلسَّلَـٰمِ } ؛ هنا : قيل : هو ٱسمٌ من أسماء اللَّه تعالى ، والمعنَى : يدعو إِلى داره التي هي الجنَّة ، وقيل : { ٱلسَّلَـٰمِ } بمعنى السَّلامة .