Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 26-31)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } : قال الجمهور : { ٱلْحُسْنَىٰ } : الجنةُ ، والــ { زِيَادَةٌ } : النَّظَر إِلَى وجهِ اللَّه عزَّ وجلَّ ؛ وفي « صحيح مسلمٍ » من حديثِ صُهَيْبٍ : " فَيَكْشِفُ الحِجَابَ ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ " ، وفي رواية : ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةِ : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } وأخرج هذه الزيادةَ النَّسَائِيُّ عن صُهَيْبٍ ، وأَخْرَجَهَا عن صُهَيْبٍ أَيضاً أَبو دَاوُدَ الطَّيَالِسي انتهى . من « التذكرة » . وقوله سبحانه : { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ … } الآية . و { يَرْهَقُ } معناه : يَغْشَى مع غلبةٍ وتضييقٍ ، والــ { قَتَرٌ } : الغُبَار المُسْوَدُّ . وقوله سبحانه : { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا } قالت فِرْقَةٌ : التقديرُ لهم جزاءُ سيئةٍ بمثلها ، وقالت فرقة : التقديرِ جزاءُ سيِّئة مثلها ، والباء زائدةٌ ، وتعم السيئاتُ هٰهنا الكُفْرَ والمعاصِيَ ، والـــ { عَاصِمٍ } : المنجِّي والمُجير ، و { أُغْشِيَتْ } : كُسَيَتْ ، و « القَطْع » : جمع قِطْعة ، وقرأ ابن كثيرٍ والكِسَائِيُّ : « قَطْعاً مِنَ اللَّيْلِ » - بسكون الطاء - ، وهو الجُزْء من الليل ، والمراد : الجُزْء من سواده ، وباقي الآية بيِّن . و { مَكَانَكُمْ } : ٱسْمُ فعلِ الأَمْرِ ، ومعناه : قِفُوا وَٱسْكُنوا ، * ت * : قال * ص * : وقدِّر بـــ « اثبتوا » وأما من قدَّره بـــ « ٱلْزَمُوا مكانَكُمْ » ، فمردودٌ ، لأن « الزموا » متعدٍّ ، وَ { مَكَانَكُمْ } : لا يتعدَّى ، فلا يقدَّر به ، وإلا لكان متعدياً ، واسم الفعل عَلَى حَسَب الفعلِ إِنْ متعدياً فمتعدٍّ ، وإِنْ لازماً فلازِمٌ ، ثم ٱعتذر بأنه يمكن أن يكون تقديره بـــ « ٱلْزَمُوا » تقديرَ معنًى ، لا تقديرَ إِعرابٍ ، فلا ٱعتراضَ ، انتهى . قال * ع * : فأخبر سبحانَهُ عن حالةٍ تكُونُ لعبدة الأوثانِ يوم القيامة يُؤْمَرُوْنَ بالإِقامة في موقف الخِزْيِ مع أصنامهم ، ثم يُنْطِقُ اللَّه شركاءهم بالتبريِّ منهم . وقوله : { فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } : معناه : فرَّقنا في الحُجَّةِ ، والمذهب روي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّ الكُفَّار ، إِذَا رَأَوا العَذَابَ ، وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ، قِيلَ لَهُمُ : اتَّبِعُوا مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ، فَيَقُولُونَ : كُنَّا نَعْبُدُ هَؤُلاَءِ ، فَتَقُولُ الأَصْنَامُ : وَاللَّهِ ، مَا كُنَّا نَسْمَعُ ، وَلاَ نَعْقِلُ ، وَمَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تعْبُدُونَ ، فَيَقُولُونَ : واللَّهِ ، لإِيَّاكُمْ كُنَّا نَعْبُد ، فَتَقُولُ الآلِهَةُ : { فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ … } الآية ، وظاهر الآية أنَّ محاورتهم إِنما هي مَعَ الأصنام دون المَلاَئِكَةِ وَعِيسَى ؛ بدليل القوْلِ لهم : { مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ } ، ودون فِرْعَونَ ومَنْ عُبِدَ من الجنِّ ؛ بدليل قولهم : { إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَـٰفِلِينَ } ، و « إنْ » هذه عند سيبَوَيْه المخَفَّفَةُ من الثقيلة موجبَةٌ ، ولزمتها اللام ، فرقاً بينها وبين « إِنِ » النافيةِ ، وعندَ الفَرَّاء : « إِنْ » نافيةٌ بمعنَى « مَا » ، واللامُ بمعنى « إِلاَّ » ، وقرأ نافعٌ وغيره : « تَبْلُوا » - بالباء الموحَّدة - ؛ بمعنى : تختبر ، وقرأ حمزة والكسائي : « تَتْلُوا » - بتاءين - ؛ بمعنى تَتْبَعُ وتطلب ما أَسْلَفَتْ من أعمالها * ت * : قال * ص * : كقوله : [ الرجز ] @ إِنَّ المُرِيبَ يَتْبَعُ المُرِيبَا كَمَا رَأَيْتَ الذِّيَبِ يَتْلُو الذِّيَبَا @@ أي : يتبعه . انتهى . ويصحُّ أَن يكون بمعنى تَقْرَأُ كُتُبَهَا التي تُدْفَع إِليها . وقوله : { وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ … } الآية : تدبيرُ الأمْرِ عامٌّ في جميع الأشياءِ ، وذلك ٱستقامةُ الأمور كلِّها على إِرادته عزَّ وجلَّ ، وليس تدبيره سبحانه بفكْرٍ ورويَّةٍ وتغييراتٍ - تعالَى عن ذلك - بل علمه سبحانه محيطٌ كاملٌ دائمٌ . { فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ } : أي : لا مَنْدُوحَةَ لهم عن ذلك ، ولا تُمْكِنهم المباهَتَةُ بسواه ، فإِذا أقرُّوا بذلك ، { فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } في ٱفترائكم ، وجَعْلِكم الأصنام آلهة .