Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 92-93)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ … } الآية : يقوِّي أنه صورةُ حاله ؛ لأن هذه الألفاظ إِنما يظهر أنها قِيلَتْ بعد غَرَقِهِ ، وسببُ هذه المقالة ؛ على ما روي : أن بني إِسرائيل بَعُدَ عِنْدَهم غَرَقُ فِرْعَوْنَ وهلاكُه ، لِعِظَمِهِ في نُفُوسهم ، وكَذَّبَ بَعْضُهُمْ أَنْ يكونَ فِرْعَوْنُ يموتُ ، فَنُجِّيَ عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الأَرض ، حتى رآه جميعهم ميتاً ؛ كأَنه ثَوْرٌ أَحمر ، وتحقَّقوا غَرَقَه . والجمهور على تشديدِ { نُنَجِّيكَ } ؛ فقالت فرقة : معناه : من النَّجَاةِ ، أي : من غمراتِ البَحْرِ والماءِ ، وقال جماعة : معناه : نُلْقِيكَ على نَجْوة من الأرض ، وهي : ما ٱرتفع منها ، وقرأ يعقوب بسكون النونِ وتخفيف الجيم ، وقوله : { بِبَدَنِكَ } قالت فرقة : معناه : بشَخْصِكَ ، وقالتْ فرقة : معناه : بِدِرْعِكَ ، وقرأ الجمهورُ : « خَلْفَكَ » أي : من أَتَى بعدك ، وقرىء شاذًّا : « لِمَنْ خَلَفَكَ » - بفتح اللام - ، والمعنى : ليجعلك اللَّه آيَةً له في عبادِهِ ، وباقي الآية بيِّن . وقوله سبحانه : { وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَٰءِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ ٱلطَّيّبَاتِ فَمَا ٱخْتَلَفُواْ حَتَّىٰ جَاءَهُمُ ٱلْعِلْمُ } : المعنى : ولقد ٱخترنا لبني إِسرائيل أَحْسَنَ ٱختيارٍ ، وأحللناهم مِنَ الأماكن أحْسَنَ محلٍّ ، و { مُبَوَّأَ صِدْقٍ } : أي : يصدُقُ فيه ظنُّ قاصده وساكنه ، ويعني بهذه الآية إِحلاَلُهُمْ بلادَ الشَّامِ وبَيْتَ المَقْدِسِ ؛ قاله قتادة وابن زَيْد ، وقيل : بلاد الشام ومصر ، والأول أصحُّ ، وقوله سبحانه : { فَمَا ٱخْتَلَفُواْ } أيْ : في نبوَّة نبينا محمَّد عليه السلام ، وهذا التخصيصُ هو الذي وقع في كُتُب المتأوِّلين كلِّهم ، وهو تأويلٌ يحتاج إِلى سند ، والتأويل الثاني الذي يحتمله اللفظُ : أنَّ بني إِسرائيل لم يكن لهم ٱختلافٌ على موسَى في أول حاله ، فلما جاءَهُم العلْمُ والأوامرُ ، وغَرَقُ فرعَوْنَ ، اختلفوا ، فالآية ذامَّة لهم . * ت * : فَرَّ رحمه اللَّه من التخصيص ، فوقع فيه ، فلو عمَّم ٱختلافهم على أنبيائهم موسَى وغيرِهِ ، وعلَى نبيِّنا ، لكان أَحْسَنَ ، وما ذهب إِليه المتأوِّلون من التخصيص أَحْسَنُ لقرينةِ قوله : { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ } ، فالربطُ بين الآيتين واضحٌ ، واللَّهُ أعلم .