Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 87-91)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا } رُوي : أَن فرعون أَخَافَ بني إِسرائيل ، وهدَّم لهم مواضعَ كانوا ٱتَّخذُوهَا للصلاة ، ونَحْو هذا ، فأوحَى اللَّه إِلَى موسَى وهارون ، أنْ تَبَّوءا أي : اتخذا وتَخَيَّرا لبني إِسرائيل بمصْر بيوتاً ، قال مجاهد : مِصْر ؛ في هذه الآية : الإِسْكَنْدَرِيَّة ، ومصْرُ ما بين أَسْوَان والإِسكندرية . وقوله سبحانه : { وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } : قيل : معناه : مساجدُ ، قاله ابنُ عباس وجماعة ، قالوا : خافوا ، فأُمِرُوا بالصَّلاة في بيوتهم ، وقيل : معناه مُوجَّهة إِلى القبلة ؛ قاله ابن عباس ، ومنْ هذا حديثٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، أنه قَالَ : " خَيْرُ بُيُوتِكُمْ مَا ٱسْتُقْبِلَ بِهِ القِبْلة " . وقوله : { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } : خطابٌ لبني إِسرائيل ، وهذا قبل نزول التوراة ؛ لأَنها لم تَنْزِلْ إِلا بعد إِجازة البَحْر . وقوله : { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } : أَمرٌ لموسَى عليه السلام ، وقال الطبريُّ ومكيٌّ : هو أَمرٌ لنبينا محمَّد عليه السلام ، وهذا غير متمكِّن . وقوله سبحانه : { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً … } الآية : هذا غضَبٌ من موسَى على القِبْطِ ، ودعاءٌ عليهم ، لمَّا عَتَوْا وعانَدوا ، وقدَّم للدعاءِ تقريرَ نعِم اللَّه علَيْهم وكُفْرِهِم بها ، و { ءاتَيْتَ } معناه : أَعْطَيْتَ ، واللام في { لِيُضِلُّواْ } لام كَيْ ، ويحتملُ أن تكون لامَ الصَّيْرورة والعَاقِبَةِ ، المعنى : آتيتهم ذَلكَ ، فصار أمرهم إِلى كذا ، وقرأ حمزة وغيره : « لِيُضِلُّوا » ( بضم الياء ) ؛ على معنى : لِيُضِلُّوا غيرهم . وقوله : { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَٰلِهِمْ } : هو من طُمُوسِ الأَثْر والعين ؛ وَطَمْسُ الوجوه منه ، وتكْرير قوله : { رَبَّنَا } ٱستغاثة ؛ كما يقول الداعي : يا اللَّه ، يا اللَّه ، روي أنهم حين دعا موسَى بهذه الدعوة ، رَجَعَ سُكَّرُهُمْ حجارةً ، ودراهِمُهم ودنانيرهم وحُبُوبُ أطعمتهم ، رَجَعَتْ حجارةً ؛ قاله قتادة وغيره ، وقال مجاهد وغيره : معناه : أهْلِكْها ودَمِّرها . وقوله : { وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } : بمعنى : ٱطْبَعْ وٱخْتِمْ عليهم بالكفر ؛ قاله مجاهدٌ والضَّحَّاك . وقوله : { فَلاَ يُؤْمِنُواْ } : مذهب الأخفش وغيره : أنَّ الفعل منصوب ؛ عطفاً على قوله : { لِيُضِلُّواْ } ، وقيل : منصوبٌ في جواب الأمر ، وقال الفراء والكسائي : هو مجزومٌ على الدعاء ، وجعل رؤية العذاب نهايةً وغايةً ؛ وذلك لِعِلْمه من اللَّه أنَّ المؤمن عند رؤية العَذَاب لا ينفعه إِيمانه في ذلك الوَقْت ، ولا يُخْرِجُهُ من كُفْره ، ثم أجاب اللَّه دعوتهما ، قال ابن عباس : العَذَاب هنا : الغَرَقُ ، وروي أن هارون كان يُؤْمِّنُ على دعاء موسَى ؛ فلذلك نَسَب الدعوة إليهما ؛ قاله محمد بن كَعْب القُرَظِيُّ ، قال البخاريُّ : { وَعَدْوًا } : من العُدْوان . انتهى . وقول فرعون : { آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ … } الآية : روي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : " أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : مَا أَبْغَضْتُ أَحَداً قَطُّ بُغْضِي لِفِرْعَوْنَ ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : { ءامَنتُ … } الآيَةَ ، فَأَخَذْتُ مِنْ حَالِ البَحْرِ ، فَمَلأْتُ فَمَهُ ؛ مَخَافَةَ أَنْ تَلْحَقُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ " ، وفي بعض الطرق : « مَخَافَةَ أَنْ يَقُولَ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ اللَّهُ ، فَتَلْحَقُهُ الرَّحْمَة » . قال * ع * : فانظر إِلى كلام فرعون ، ففيه مَجْهَلَةٌ وَتَلَعْثُمٌ ، ولاَ عُذْرَ لأحد فِي جَهْلِ هذا ، وإِنما العذر فيما لا سبيلَ إِلى علمه ، كقول عليٍّ رضي اللَّه عنه : أَهْلَلْتُ بِإِهْلاَلٍ كَإِهْلاَلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، والحَالُ : الطِّينُ ، والآثار بهذا كثيرةٌ مختلفة الألفاظِ ، والمعنَى واحدٌ . وقوله سبحانه : { آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ } ، وهذا عَلى جهة التوبيخ له ، والإِعلان بالنقمةِ منه ، وهذا الكلامُ يحتملُ أن يكونَ مِنْ مَلَكٍ مُوَصِّلٍ عن اللَّه ، أَو كيف شاء اللَّه ، ويحتملُ أَنْ يكون هذا الكلامُ معنَى حاله وصورةَ خِزْيه ، وهذه الآيةُ نصٌّ في رَدِّ توبةِ المُعَايِنِ .