Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 102, Ayat: 1-4)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } أي : شَغَلَكُمْ المباهاةُ والمفاخرةُ بكثرةِ المالِ والأولادِ والعَدَدِ ، وهذا هِجِّيرى أبناءِ الدنيا العربِ وغيرهم ؛ لا يتخلصُ منه إلا العلماء المتقون ، قال الفخر : فالألفُ واللامُ في { ٱلتَّكَّاثُرُ } ليسَ للاسْتِغْرَاقِ بَلْ للمَعْهُودِ السَّابِقِ في الذِّهْنِ ، وهو التكاثرُ في الدنيا ؛ ولذاتِها وعلائِقها ؛ فإنّه هُو الذي يَمْنَعُ عن طاعةِ اللَّه وعبوديَّتِه ؛ ولما كَان ذلك مُقَرَّراً في العقولِ ومُتَّفَقاً عليه في الأديان لاَ جَرَمَ ؛ حَسُنَ دخولُ حرف التعريف عليه ؛ فالآيةُ دالَّةٌ على أن التكاثرَ والتفاخرَ بما ذُكِرَ مذمومٌ ، انتهى . وقوله تعالى : { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } أي حتى مُتُّمْ فَدُفِنْتُم في المقابِر وهذا خبرٌ فيه تَقْرِيعٌ وتوبيخ وتحسُّرٌ ، وفي الحديثِ الصحيحِ عنه صلى الله عليه وسلم " يَقُولُ ٱبْنُ آدَمَ : مَالِي مَالِي ، وَهَلْ لَكَ يَا بْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أو تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ " قال * ص * : قرأ الجمهورُ : « الْهَاكُم » على الخبرِ ، وابنُ عباسٍ بالمدِّ ، والكسائي في روايةٍ بهمزَتَيْنِ ، ومعنى الاستفهامِ التوبيخُ والتقريرُ ، انتهى ، قال الفخر : اعْلَمْ أنَّ أهم الأمور وأولاها بالرعايةِ تَرْقِيقُ القلبِ ، وإزالَةُ حُبِّ الدنيا منه ، ومُشَاهَدَةُ القبورِ تُورِثُ ذلكَ ؛ كما ورد به الخَبَرُ ، انتهى . وقوله تعالى : { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } زَجْرٌ ووعيدٌ ، ثم كُرِّرَ تَأكِيداً ، ويأخذ كل إنسانٍ من هذا الزجرِ والوعيدِ المُكَرَّرِ على قدر حظِّهِ من التوغُّلِ فيما يُكْرَه ؛ هذا تأويل الجمهور ، وقال عليٌّ : { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } في القبرِ ، { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } في البَعْثِ ، قال الفخر : وفي الآيةِ تَهْدِيدٌ عظيمٌ للعلماءِ فَإنها دالة على أنه لَوْ حَصَلَ اليقينُ لَتَرَكُوا التكاثُرَ والتَّفَاخُرَ ؛ فهذا يَقْتَضِي أنَّ مَنْ لا يتركُ التكاثرَ والتفاخرَ أنْ لاَ يكونَ اليقينُ حَاصِلاً له ؛ فالويلُ للعالمِ الذي لا يكونُ عَاقِلاً ؛ ثم الويل له ، انتهى .