Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 35-40)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ … } الآية : قال الطبريُّ وغيرُه : هذه الآيةُ ٱعترضَتْ في قِصَّة نوحٍ ، وهي في شأن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مع قُرَيْشٍ . قال * ع * : ولو صحَّ هذا بسندٍ ، لوجب الوقوفُ عنده ، وإِلا فهو يَحْتملُ أَنْ يكون في شأن نوح عليه السلام ، وتَتَّسِقُ الآية ، ويكونُ الضمير في « افتراه » عائداً علي ما توعَّدهم به ، أو عَلى جميعِ ما أخبرهم به ، و " أم " بمعنى « بل » . وقوله سبحانه : { وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ … } الآية ، قيل لنوح هذا بَعْدَ أَنْ طال عليه كُفْر القَرْن بعد القَرْن به ، وكان يأتيه الرجُلُ بٱبْنِهِ ، فيقول : يا بُنَيَّ ، لا تُصَدِّقْ هذا الشيخَ ، فهكذا عَهِدَهُ أَبي وَجَدِّي كَذَّاباً مَجْنُوناً ، رَوَاهُ عُبَيْدُ بن عُمَير وغيره ، فروي أنه لما أوحِيَ إِليه ذَلك ، دَعَا ، فقَالَ : { رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ دَيَّاراً } [ نوح : 26 ] ، و { تَبْتَئِسْ } من البُؤْس ، ومعناه : لا تَحْزَنْ . وقوله : { بِأَعْيُنِنَا } : يمكنُ أَنْ يريد بمرأًى منا ، فيكون عبارةً عن الإِدراك والرعاية والحفْظ ، ويكونُ جَمَعَ الأَعْيُنِ ، للعظمةِ لا للتكثير ؛ كما قال عزَّ مِنْ قائل : { فَنِعْمَ ٱلْقَـٰدِرُونَ } [ المرسلات : 23 ] ، والعقيدةُ أنه تعالَى منزهُ عن الحواسِّ ، والتشبيهِ ، والتكييفِ ، لا ربَّ غيره ، ويحتملُ قوله : { بِأَعْيُنِنَا } أيُّ : بملائكتنا الذين جعلْناهم عيوناً على مواضع حِفْظِكَ وَمَعُونَتِك ، فيكون الجَمْعُ على هذا التأويلِ : للتكْثير . وقوله : { وَوَحْيِنَا } معناه : وتعليمنا له صُورَةَ العَمَل بالوحْيِ ، ورُوِيَ في ذلك : « أَنَّ نوحاً عليه السلام لَمَّا جَهِلَ كَيْفِيَّة صُنْعِ السَّفِينَةِ ، أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ ، أَن ٱصنعها على مثال جُؤْجُؤِ الطَّائِرِ » إِلى غير ذلك ممَّا علِّمَهُ نوحٌ من عملها . وقوله : { وَلاَ تُخَـٰطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ … } الآية ، قال ابْنُ جُرَيْج في هذه الآية : تقدَّم اللَّه إِلَى نوحٍ أَلاَّ يَشْفَعَ فيهم . وقوله : { وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ } : التقديرُ : فشَرَعَ يصْنَعُ ، فحكيتْ حالُ ٱلاستقبال ، والـــ { مَلأٌ } هنا : الجماعة . وقوله : { سَخِرُواْ مِنْهُ … } الآية : السُّخْر : ٱلاستجهال مع ٱستهزاءٍ ، وإِنما سخروا منه في أنْ صنعها في بَرِّيَّةٍ . وقوله : { فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ } قال الطبريُّ : يريد في الآخرة . قال * ع * : ويحتمل الكلام - وهو الأرجح - أن يريد : إِنا نسخر منكم الآن ، والعذابُ المُخْزِي : هو الغَرَق ، والـــ { مُّقِيمٌ } : هو عذاب الآخرة ، والــ « الأمر » : واحد الأمور ، ويحتملُ أن يكون مصدر « أمَرَ » ، فمعناه : أَمْرُنَا للمَاءِ بالفَوَرَانِ ، { وَفَارَ } معناه : ٱنبعَثَ بقُوَّة ، وٱختلف النَّاس في التَّنُّور ، والذي عليه الأكثَرُ ، منهم ابنُ عباس وغيره : أنه هو تَنُّور الخُبْز الذي يُوقَدُ فيه ، وقالوا : كانَتْ هذه أمارَةً ، جعلها اللَّه لنُوحٍ ، أي : إِذا فار التنُّور ، فٱرْكَبْ في السفينة . وقوله سبحانه : { قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ … } الآية ، الزَّوْج : يقال في مشهورِ كلامِ العرب : للواحد مما له ازدواجٌ ، فيقال : هذا زَوْجُ هذا ، وهما زَوْجَان ، والزوج أيضاً في كلام العرب : النَّوْع ، وقوله : { وَأَهْلَكَ } : عطْفٌ علَى ما عَمِلَ فيه { ٱحْمِلْ } والأهل ، هنا : القرابةُ ، وبشَرْط مَنْ آمن منهم ، خُصِّصُوا تشريفاً ، ثم ذكر { مَنْ آمَنَ } ، وليس من الأهْل ، واختلف في الذي سبق عليه القوْلُ بالعَذَابِ ، فقيل : ابنُهُ يَام ، أوْ كنعان ، وقيل : امرأته وَالِعَةُ - بالعين المهملة - ، وقيل : هو عمومٌ فيمن لم يؤمن مِنْ أهْل نوحٍ ، ثم قال سبحانه إِخباراً عن حالهم : { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } .