Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 28-34)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { قَالَ يَٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِندِهِ … } الآية : كأنه قال : أرأيتم إِن هدانِي اللَّهُ وأضلَّكم أَأُجبرُكُمْ على الهدَى ، وأنتم له كارِهُونَ ، وعبارة نوحٍ عليه السلام كانَتْ بلغته دالَّة على المعنى القائِم بنَفْسه ، وهو هذا المفهومُ مِنْ هذه العبارة العربيَّة ، فبهذا ٱستقام أنْ يقال : قال كذا وكذا ؛ إِذ القوم ما أفاد المعنى القائِمَ في النَّفْس ، وقوله : { عَلَىٰ بَيِّنَةٍ } أي : على أمْرٍ بيِّن جَلِيٍّ ، وقرأ الجمهور : « فَعَمِيَتْ » ولذلك وجهان من المعنَى : أحدهما : خَفِيَتْ . والثاني : أَنْ يكون المعنَى : فَعُمِّيتُمْ أنتم عنها . وقوله : { أَنُلْزِمُكُمُوهَا } : يريد : إِلزامَ جبر ؛ كالقتال ونحوه ، وأما إِلزامُ الإِيجاب ، فهو حاصلٌ . وقوله : { وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } : يقتضي أَنَّ قومه طلبوا طَرْدَ الضعفاءِ الذين بادَرُوا إِلى الإِيمان به نَظِيرَ ما اقترحَتْ قريشٌ ، و { تَزْدَرِي } : أصله : تَزْتَرِي ؛ تَفْتَعِلُ مِنْ زَرَى يَزْرِي ، ومعنى : { تَزْدَرِي } : تحتقر ، و « الخير » ؛ هنا : يظهر فيه أَنَّهُ خيرُ الآخرة ، اللَّهم إِلا أَنْ يكونَ ٱزدراؤُهم من جهة الفَقْر ، فيكون الخَيْرُ المال ؛ وقد قال بعضُ المفسِّرين : حيثُ ما ذَكَرَ اللَّه الخيرَ في القرآن ، فهو المَالُ . قال * ع * : وفي هذا الكلام تحامُلٌ ، والذي يشبه أنْ يقال : إِنه حيثُ ما ذُكِرَ الخير ، فإِنَّ المَالَ يدْخُل فيه . * ت * : وهذا أيضاً غير ملخَّص ، والصواب : أَنَّ الخيرَ أَعمُّ من ذلك كلِّه ، وانظر قوله تعالى : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } [ الزلزلة : 7 ] فإِنه يشملُ المال وغيرَهُ ، ونحْوُه : { وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الحج : 77 ] ، وانظر قوله عليه السلام : " اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَةِ " ، وقَوْلُهُ تعالَى : { إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً } [ النور : 33 ] ، فهٰهنا لا مدْخَل للمالِ إِلا علَى تجوُّز ، وقد يكون الخير المرادُ به المَالُ فَقَطْ ؛ وذلك بحَسَب القرائن ، كقوله تعالى : { إِن تَرَكَ خَيْرًا … } الآية [ البقرة : 180 ] . وقوله : { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ } : تسليمٌ للَّه تعالَى ، وقال بعضُ المتأوِّلين : هي ردٌّ على قولهم : اتبعك أراذِلُنا في ظاهر أمرِهم ؛ حَسَبَ ما تقدَّمَ في بعض التأويلات ، ثم قال : { إِنِّي إِذاً } لو فعلت ذلك ، { لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } ، وقولهم : { قَدْ جَادَلْتَنَا } : معناه : قد طال منْكَ هذا الجِدَالُ ، والمرادُ بقولهم : { بِمَا تَعِدُنَا } العذابَ والهلاكَ ، { وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } ، أي : بمفلتين .