Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 77-83)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً } : الرسُل هنا : الملائكة أضيافُ إِبراهيم . قال المهدويُّ : والرسُلُ هنا : جبريلُ وميكائيلُ وإِسرافيلُ ، ذكره جماعة من المفسِّرين . انتهى ، واللَّه أعلم بتعيينهم ، فإِن صحَّ في ذلك حديثٌ ، صِيَر إِليه ، وإِلا فالواجبُ الوقْفُ ، و { سِيءَ بِهِمْ } أي : أصابهُ سُوءٌ ، و « الذَّرْع » : مصدرٌ مأخوذٌ من الذِّراع ، ولما كان الذراعُ موضعَ قُوَّةِ الإِنسان ، قيل في الأمر الذي لا طَاقَةَ له به : ضَاقَ بِهَذَا الأمْرِ ذِرَاعُ فُلاَنٍ ، وذَرْعُ فلانٍ ، أيْ : حيلته بذراعِهِ ، وتوسَّعوا في هذا حتَّى قلبوه ، فقالوا : فلانٌ رَحْبُ الذِّرَاع ، إِذا وصَفُوه بٱتساع القدرةِ ، و { عَصِيبٌ } : بناء اسمِ فاعلٍ ، معناه : يعصب النَّاسَ بالشرِّ ، فهو من العِصَابة ، ثم كَثُر وصفهم لليَوْمِ بعصيبٍ ؛ ومنه : [ الوافر ] @ … وَقَدْ سَلَكُوكَ في يَوْمٍ عَصِيبِ @@ وبالجملة فـــ « عصيب » : في موضع شديدٍ وصعبِ الوطأة ، و { يُهْرَعُونَ } معناه : يُسْرِعون ، { وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ } : أيْ : كَانت عادتهم إِتيان الفاحشة في الرجال . وقوله : { هَـؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } : يعني : بالتزويجِ ، وقولهم : { وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } : إِشارة إِلى الأضيافِ ، فلما رأَى لوطٌ ٱستمرارَهُم في غَيِّهم ، قال : على جهة التفجُّع وٱلاستكانةِ : { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً } . قال * ع * : « لَوْ أنَّ » : جوابها محذوفٌ ، أي : لَفَعَلْتُ كذا وكذا ، ويروَى أنَّ الملائكةَ وَجَدَتْ عليه ؛ حين قال هذه الكلماتِ ، وقالوا : إِنَّ رُكْنَكَ لَشَدِيدٌ ، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطاً لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ فَالْعَجَبُ مِنْهُ لما ٱسْتَكَانَ " . قال * ع * : وإِنما خشي لوطٌ عليه السلام أنْ يمهل اللَّهُ أولئك العِصَابَةَ حتى يَعْصُوهُ في الأضيافِ ، كما أمهلهم فيما قَبْلَ ذلك ، ثم إِن جبريل عليه السلام ضَرَبَ القوم بجَنَاحِهِ ، فطمس أعينهم ، ثم أمروا لوطاً بالسُّرَى ، وأعلموه بأنَّ العذاب نازلٌ بالقوم ، فقال لهم لوطٌ : فَعَذِّبوهم السَّاعة ، فقالوا له : { إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ } ، أي : بهذا أمَرَ اللَّه ، ثم آنسُوه في قَلَقِهِ بقولهم : { أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } ، و « القِطْع » : القطعة من الليل . قال * ص * : { إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ } : ابن كثيرٍ وأبو عمرٍو بالرفع ، والباقون بالنَّصْبِ ، فقيل : كلاهما استثناءٌ من { أَحَدٌ } ، وقيل : النصب على ٱلاستثناء من { أَهْلِكَ } انتهى . وقوله سبحانه : { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } ذهبت فرقةٌ ، منهم ابن عباس إِلى أَن الحجارة التي رُمُوا بها كَانَتْ كالآجُرِّ المطبوخِ ، كانَتْ من طينٍ قد تحجَّر ، وأَن سِجِّيلاً معناها : ماءٌ وطينٌ ، وهذا القول هو الذي عليه الجمهورُ ، وقالت فرقة : « من سِجِّيلٍ » : معناه : مِنْ جهنَّم ؛ لأنه يقالُ : سِجّيل وسِجِّين ، حَفِظَ فيها بَدَلَ النُّون لاماً ، وقيل غير هذا و { مَّنضُودٍ } : معناهُ : بعضه فوق بعض ، متتابع ، و { مُّسَوَّمَةً } : أي : مُعْلَمةٌ بعلامة . وقوله تعالى : { وَمَا هِيَ } : إِشارةٌ إِلى الحِجَارة ، والظالمون : قيل : يعني قريشاً ، وقيل : يريد عمومَ كلِّ مَن ٱتَّصف بالظُّلْمِ ، وهذا هو الأصَحُّ ، وقيل : يعني بهذا الإِعلامَ بأَنَّ هذه البلادَ قريبةٌ من مكَّة ، وما تقدَّم أَبْيَن .