Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 75-76)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { إِنَّ إِبْرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } وُصِفَ عليه السلام بالحِلْمِ ، لأنه لم يغضَبْ قطُّ لنفسه إِلاَّ أَنْ يغضب للَّه ، وأمْرُهُ بالإِعراض عن المُجَادلة يقتضي أنها إِنَّما كانَتْ في الكَفَرَةِ ، حرصاً على إِسلامهم ، و { أَمْرُ رَبِّكَ } واحدُ الأمور ، أي : نفذ فيهم قضاؤُهُ سبحانه ، وهذه الآية مقتضيةٌ أنَّ الدعاء إِنما هو أنْ يوفِّق اللَّه الداعِيَ إِلى طَلَب المَقْدور ، فأما الدُّعاء في طَلَبِ غير المقدورِ ، فغير مُجْدٍ ولا نافع . * ت * : والكلام في هذه المسألة متَّسعٌ رَحْبٌ ، ومن أحسن ما قيل فيها قولُ الغَزَّالِيِّ في « الإِحياء » : فإِنْ قلْتَ : فما فائدةُ الدُّعاءِ ، والقَضَاءُ لا يُرَدُّ ؟ فالجوابُ : أَنَّ من القضاءِ رَدَّ البلاءِ بالدعاءِ ، فالدعاءُ سَبَبٌ لردِّ البلاء ، وٱستجلابِ الرحمة ؛ كما أن التُّرْسَ سبَبٌ لردِّ السهم ، والماء سبَبٌ لخروجِ النباتِ ، انتهى . وقد أطال في المسألة ، ولولا الإِطالة لأَتَيْتُ بِنُبَذٍ يثلج لها الصِدْرُ ، وخرَّجَ الترمذيُّ في « جامعه » عن أبي خزامة ، واسمه رِفَاعَةُ ، عن أبيه ، قال : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ رقًّى نَسْتَرْقِيهَا ، وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ ، وتُقَاةً نَتَّقِيهَا ، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّه شَيْئاً ؟ قَالَ : « هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ » ، قال أبو عيسَى : هذا حديثٌ حسن ، وفي بعض نُسَخِهِ : حسنٌ صحيحٌ ، انتهى . فليس وراء هذا الكلام من السيِّد المعصوم مرمًى لأَحدٍ ، وتأمَّل جواب الفارُوق لأبِي عُبَيْدة ، حِينَ هَمَّ بالرجوعِ مِنْ أجْلِ الدخول علَى أرْضٍ بها الطاعُونُ ، وهي الشام .