Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 86-94)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ } : قال ابن عباس : معناه : الذي يُبْقِي اللَّه لكُمْ من أموالكم بَعْد توفيتكم الكَيْلَ والوَزْن خيرٌ لكم مما تستكثرونَ به على غير وجْهه ، وهذا تفسيرٌ يليق بلفظ الآية ، وقال مجاهد : معناه : طاعةُ اللَّه ، وهذا لا يعطيه لفْظُ الآية . قال * ص * : وقرأ الحسنُ : « تَقِيَّةُ اللَّهِ » ، أي : تقواه . قال * ع * : وإِنما المعنى عندي : إِبقاءُ اللَّه علَيْكُم إِنْ أطعتم ، وقولهم : { أَصَلَوٰتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَآ } : قالت فرقة : أرادوا الصلواتِ المعروفةَ ، وروي أن شعيباً عليه السلام كان أكْثَرَ الأنبياءِ صلاةً ، وقال الحسنُ : لم يَبْعَث اللَّهُ نبيًّا إِلا فرض عَلَيْه الصَّلاة والزَّكَاة ، وقيل : أرادوا : أدعواتُكَ ، وذلك أنَّ من حَصَّل في رتبةٍ مِنْ خيرٍ أَو شَرٍّ ، ففي الأكثر تَدْعُوه رتبته إِلى التزيُّد من ذلك النوْعِ ، فمعنى هذا : لما كنْتَ مصلِّياً ، تجاوزْتَ إِلى ذمِّ شرعنا وحالِنا ، فكأن حاله من الصلاة جَسَّرته علَى ذلك ، فقيل : أَمَرَتْه ؛ كما قال تعالَى : { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ } [ العنكبوت : 45 ] . قال * ص * : { أَوْ أَن نَّفْعَلَ } : معطوفٌ على { مَا يَعْبُدُ } ، و « أو » للتنويعِ ، انتهى . وظاهر حالِهِمُ الذي أشاروا إِليه هو بَخْسُ الكيل والوَزْنِ الذي تقدَّم ذكره ، وروي أن الإِشارة إِلى قَرْضِهِمْ الدِّينار والدِّرْهم ، وإِجراء ذلك مع الصَّحِيح على جهة التدْلِيسِ ؛ قاله محمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيِّ ، وتؤوَّل أيضاً بمعنى تبديلِ السِّكَك التي قصد بها أكْلُ أموالِ الناس ، قال ابنُ العربيِّ : قال ابن المسيَّب : قطع الدنانير والدَّرَاهم مِنَ الفَسَاد في الأرْضِ ؛ وكذلك قال زيد بن أسْلَمَ في هذه الآية ، وفَسَّرها به ، ومثله عن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ من رواية مالكٍ ، قال ابنُ العَرَبِيِّ : وإِذا كان قَطْعُ الدنانير والدَّراهمِ وقَرْضُها من الفسَادِ ، عُوقِبَ مَنْ فَعَلَ ذلك ، وقَرْضُ الدراهم غَيْرُ كَسْرها ؛ فإِن الكسر : فسادُ الوصفُ ، والقَرْض : تنقيصٌ للقَدْر ، وهو أَشَدُّ من كَسْرها ، فهو كالسرقة . انتهى من « الأحكام » مختصراً ، وبعضه بالمعنَى ، وقولهم : { إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ } : قيل : إِنهم قالوه ؛ على جهة الحقيقة ، أي : أنت حليم رشيدٌ ، فلا ينبغي لك أنْ تَنْهَانا عن هذه الأحوالِ ، وقيل : إِنما قالوا هذا ؛ على جهة ٱلاستهزاء . وقوله : { وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا } : أي : سالماً من الفَسَادِ الذي أدْخَلْتُم في أمْوالكم ، وجوابُ الشَّرْط الذي في قوله : { إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي } محذوفٌ ، تقديره : أَأَضِلُّ كما ضَلَلْتُمْ ، أو أتركُ تبليغَ رِسَالَةِ ربِّي ، ونحو هذا . وقوله : { لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ } : معناه : لا يُكْسِبَنَّكُمْ ، و { شِقَاقِي } : معناه : مُشَاقتي ، وَعَدَاوَتِي و « أَنْ » : مفعولةٌ بـــ { يَجْرِمَنَّكُمْ } . قال * ص ، وع * : { وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ } : أي : بزمانٍ بعيدٍ ، أو بمكانٍ . قال * ص * : { وَدُودٌ } بناءُ مبالغةٍ مِنْ وَدَّ الشَّيْءَ ، إِذا أَحَبَّه ، وآثره . * ع * : ومعناه : أن أفعاله سُبْحَانَهُ وَلُطْفه بعباده لَمَّا كَانَتْ في غاية الإِحْسَان إِليهمْ ، كانَتْ كَفِعْلِ مَنْ يتودَّد وَيَوَدُّ المصنوعَ له ، وقولُهم : { مَا نَفْقَهُ } : كقولِ قريشٍ : { قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ } [ فصلت : 5 ] ، والظاهر من قولهم : { إِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا } : أنهم أرادوا ضَعْفَ ٱلانتصارِ والقُدْرة ، وأنَّ رهطه الكَفَرة يُرَاعَوْنَ فيه ، والرَّهْط : جماعةُ الرجُلِ ، وقولهم : { لَرَجَمْنَـٰكَ } أي : بالحجارة ؛ قاله ابن زَيْد ، وقيل : بالسَّبِّ باللسان ، وقولهم : { بِعَزِيزٍ } : أي : بذي منعةٍ وعزةٍ ، ومنزلةٍ ، و « الظِّهْرِيُّ » : الشيءُ الذي يكونُ وراءَ الظهر ، وذلك يكون في الكَلاَم على وجهين : إِما بمعنى ٱلاطِّراح ؛ كما تقولُ : جَعَلْتَ كلامِي وَرَاءَ ظَهْرِكَ ، ودَبْرَ أُذْنِكَ ، وعلى هذا المعنَى حمل الجمهورُ الآية ، أي : اتخذتم أمْرَ اللَّه وشَرْعَه وراء ظُهُوركم ، أي : غَيْرَ مراعًى ، وإِما بأَنْ يستند إِليه ويلجأ ؛ كما قال عليه السلام : « وألجأتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ » ؛ وعلى هذا المعنَى حمل الآية قَوْمٌ : أي : وأنتم تتَّخذون اللَّه سَنَدَ ظُهُورِكُمْ وعِمَادَ آمالكم . وقوله : { ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } معناه : على حالاتكم ، وفيه تهديدٌ . وقوله : { سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَٱرْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } : والصحيحُ : أَن الوقْفَ في قوله : { إِنِّي عَـٰمِلٌ } . وقوله سبحانه : { وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ … } الآية : { ٱلصَّيْحَةُ } : هي صَيْحَة جبريل عليه السلام .