Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 95-99)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا … } الآية : { يَغْنَواْ } : معناه : يقيمون بِنَعْمَةٍ وخَفْضِ عيشٍ ؛ ومنه المَغَانِي ، وهي المنازلُ المعمورةِ بالأهْل ، وضمير « فيها » عائد على الديار . وقوله : { بُعْدًا } : مصدرٌ دعا به ؛ كقولك : سُحْقاً للكافرين ، وفارَقَتْ هذه قولَهُمْ : { سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ } [ النحل : 32 ] ؛ لأن { بُعْدًا } إِخبارٌ عن شيء قد وَجَب وتحصَّل ، وتلك إِنما هي دعاء مرتجى ، ومعنى البُعْد في قراءة : « بَعِدَتْ » - بكسر العين - : الهلاكُ ، وهي قراءة الجمهور ؛ ومنه قول خِرْنِقَ بِنْتِ هَفَّانَ : [ الكامل ] @ لاَ يَبْعَدَنْ قَوْمِي الَّذِينَ هُمُ سُمُّ الْعُدَاةِ وآفَةُ الجُزْرِ @@ ومنه قولُ مالكِ بْنِ الرَّبيعِ : [ الطويل ] @ يَقُولُونَ لاَ تَبْعَدْ وَهُمْ يَدْفِنُوننِي وَأَيْنَ مَكَانُ الْبُعْدِ إِلاَّ مَكَانِيَا @@ وأما من قرأ : « بَعُدَتْ » ، وهو السُّلَمِيُّ وأبو حَيْوَةَ فهو من البُعْدِ الذي هو ضدُّ القُرْب ، ولا يُدْعَى به إِلا على مبغوضٍ . قال * ص * : وقال ابْنُ الأنباريِّ : من العرب مَنْ يُسَوِّي بين الهلاكِ والبُعْدِ الَّذي هو ضِدُّ القُرْب ، فيقولون فيهما : بَعُدَ يَبْعُدُ ، وبَعِدَ يَبْعَدُ . انتهى . وقوله سبحانه : { فَٱتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ } : أي : وخالفوا أمْرَ موسَى ، { وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } ، أي : بمرشِدٍ إِلى خير . وقال * ع * : { بِرَشِيدٍ } : أي : بمصيب في مَذْهَبِهِ { يَقْدُمُ قَوْمَهُ } : أي : يقدمهم إِلى النار ، و { ٱلوِرْدُ } ، في هذه الآية : هو ورودُ دُخُولٍ . قال * ص * : والـــ { ٱلوِرْدُ } : فاعلُ « بِئْسَ » ، و { ٱلمَوْرُودُ } : المخصُوصُ بالذَّمِّ ، وفي الأول حذْف ، أيْ : مَكانُ الورْد ، ليطابق المخصُوصَ بالذَّمِّ . وجوَّز * ع * : وأبو البقاءِ أنْ يكونُ « المَوْرُود » صفةً لمكان الوِرْدِ ، والمخصوص محذوفٌ ، أي : بِئسٍ مكانُ الوِرْدِ المورودُ النارُ ، و « الوِرْد » : يجوز أنْ يكون مصْدراً بمعنى الوُرُود ، أو بمعنى الوَارِدَة من الإِبل ، وقيل : الوِرْد : بمعنى الجَمْعِ للوَارِدِ ، والمَوْرُود : صفةٌ لهم ، والمخصُوصُ بالذمِّ ضميرٌ محذوف ، أي : بئس القوم المَوْرُود بهم هُمْ ، انتهى . { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً } : يريد : دارَ الدنيا . وقوله : { بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } أي : بِئسَ العطاءُ المعطَى لهم ، وهو العذابُ ، والرِّفْدُ في كلام العرب : العطيَّة .