Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 101-104)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ … } الآية : ذكر كثيرٌ من المفسِّرين أنَّ يوسُفَ عليه السلام لما عَدَّد في هذه الآية نِعَمَ اللَّه عنده ، تشوَّق إِلى لقاء ربِّه ولقاءِ الجِلَّة وصالحي سَلَفِهِ وغيرهم مِنَ المؤمنين ، ورأَى أَن الدنيا قليلةٌ فتمنَّى المَوْت في قوله : { تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّـٰلِحِينَ } . وقال ابن عبَّاس : لم يتمنَّ المَوْتَ نبيٌّ غَيْرُ يُوسُفَ ، وذكر المهدويُّ تأويلاً آخر ، وهو الأقْوَى عندي : أنه ليس في الآية تمنِّي موتٍ ، وإِنما تمنى عليه السلام الموافَاةَ على الإِسلام لا المَوْتَ ، وكذا قال القرطبيُّ في « التذكرة » ؛ أَنَّ معنى الآية : إِذا جاء أَجَلِي ، توفَّني مسلماً ، قال : وهذا القول هو المختارُ عنْدَ أهل التأويل ، واللَّه أعلم ، انتهى ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْت لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ " ؛ إِنَّمَا يريد ضَرَر الدنيا ؛ كالفَقْر ، والمَرَضِ ونحو ذلك ، ويبقَى تمنِّي الموت ؛ مخافةَ فسادِ الدِّين مباحَاً ، وقد قال صلى الله عليه وسلم في بَعْضِ أدعيته : " وَإِذَا أَرَدَتَّ بِالنَّاسِ فِتْنَةً ، فَٱقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ " . وقوله : { أَنتَ وَلِيِّي } : أي القائِمُ بأمري ، الكفيلُ بنُصْرتي ورَحْمتي . وقوله عز وجل : { ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ } : { ذَٰلِكَ } : إِشارة إِلى ما تقدَّم من قصَّة يوسُفَ ، وهذه الآية تعريضٌ لقريشٌ ، وتنبيهٌ على آية صدْقِ نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم ، وفي ضمن ذلك الطعْنُ على مكذِّبيه ، والضمير في { لَدَيْهِمْ } : عائدٌ على إِخوة يوسُفَ ، و { أَجْمَعُواْ } : معناه : عزموا ، و « الأمر » ، هنا : هو إِلقاء يوسُفَ في الجُبِّ ، وحكى الطبري عن أبي عمران الجَوْنِيِّ ؛ أَنه قال : واللَّه ما قَصَّ اللَّه نبأهم ؛ ليُعَيِّرَهُمْ ؛ إِنهم الأَنبياءُ مِنْ أَهْلَ الجَنَّة ، ولكنَّ اللَّه قَصَّ علينا نبأهم ؛ لئلاَّ يَقْنَطَ عَبْدُهُ . وقوله سبحانه : { وَمَا أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ … } الآية خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم . وقوله : { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ … } الآية توبيخٌ للكفَرة ، وإِقامةٌ للحُجَّةِ عليهم ، ثم ٱبتدأ الإِخبَارَ عن كتابه العزيز ؛ أنه ذكْرٌ وموعظةٌ لجميعِ العالَمِ ، نفعنا اللَّه به ، ووفَّر حظنا منه .