Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 85-88)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { قَالُواْ تَٱللَّهِ تَفْتَؤُاْ } الآية : المعنى : تالله لا تفتأ فتحذف « لا » في هذا الموضع من القَسمِ ؛ لدلالة الكلام عليها ؛ فمن ذلك قول امرىء القيس : [ الطويل ] @ فَقُلْتُ يَمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِداً وَلَوْ قَطَعُوا رَأْسِي لَدَيْكِ وَأَوْصَالِي @@ ومنه قول الآخر : [ البسيط ] @ تَاللَّهِ يَبْقَىٰ عَلَى الأَيَّامِ ذُو حِيَدٍ … @@ أراد : لا أبْرَحُ ، ولاَ يَبْقَى ، و « فَتِىءَ » : بمنزلة زَالَ وبَرَحَ في المعنَى والعملِ ؛ تقول : واللَّهِ ، لا فَتِئْتَ قَاعِداً ؛ كما تقول : لاَ زِلْتُ وَلاَ بَرَحْتُ ، وعبارة الداوودي : وعن ابن عباس : تَفْتَأُ ؛ أي : لا تزالُ تَذْكُرُ يوسُفَ ، { حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضاً } . انتهى ، والحَرَضُ : الذي قد نهاه الهَرَمُ أو الحُبُّ أو الحُزْنُ إِلى حالِ فَسادِ الأَعضاء وَالبَدَنِ والحسِّ ، يقال : رجلٌ حَارِضٌ ، أي : ذو همٍّ وحزنٍ ؛ ومنه قول الشاعر : [ البسيط ] @ إِنِّي ٱمْرُؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ فَأَحْرَضَنِي حَتَّى بَلِيتُ وَحَتَّى شَفَّنِي السَّقَمُ @@ والحَرِضُ بالجملة الذي فَسَدَ ودنا موته ، قال مجاهد : الحَرَضُ : ما دون الموت ؛ وفي حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَمْرَضُ حَتَّى يُحْرِضَهُ المَرَضُ إِلاَّ غُفِرَ لَهُ " انتهى من « رقائق ابن المبارك » . ثم أجابهم يعقوبُ عليه السلام بقوله : { إِنَّمَا أَشْكُواْ بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ } : أي : إِني لست ممَّن يَجْزَعُ ويَضْجَرُ ، وإِنما أَشكو إِلى اللَّه ، والبَثُّ : ما في صَدْرِ الإِنسان مما هو مُعْتَزِمٌ أَنْ يبثه وينشره . وقال أبو عُبَيْدة وغيره : البَثُّ : أَشدُّ الحزن قال الداووديُّ عن ابن جُبَيْر ، قال : مَنْ بَثَّ ، فلم يصبِرْ ، ثم قرأ : { إِنَّمَا أَشْكُواْ بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ } . انتهى . وقوله : { وَلاَ تَاْيْـئَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ … } الآية : « الرَّوْحُ » : الرحمة ، ثم جعل اليأْسَ مِنْ رحمة اللَّه وتفريجه مِنْ صفة الكافرين ؛ إِذ فيه إِما التكذيبُ بالرُّبوبية ، وإِما الجهلُ بصفاتِ اللَّه تعالى ، والـــ { بِضَـٰعَةٍ } : القِطْعة من المال يُقْصَدُ بها شراءُ شَيْءٍ ، ولزمها عُرْفُ الفقْهِ فيما لا حَظَّ لحاملها من الربْحِ ، والـــ { مُّزْجَاةٍ } : معناها : المدفوعَةُ المتحيَّل لها ، وبالجملة ؛ فمَنْ يسوق شيئاً ، ويتلطَّف في تسييره ، فقد أزجاه ، فإِذا كانَتِ الدراهمُ مدفوعةً نازلةَ القَدْر ، تحتاج أنْ يُعْتَذَرَ معها ، ويُشْفَعَ لها ، فهي مزجاةٌ ، فقيل : كان ذلك لأنها كانَتْ زيوفاً ، قاله ابن عباس . وقيل : كانَتْ بضاعتهم عروضاً ، وقولهم : { وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا } : معناه ما بَيْنَ الدراهم الجيادَ وبَيْنَ هذه المُزْجَاة ، قاله السُّدِّيُّ وغيره وقال الداوودي عن ابن جريجٍ : { وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا } : قال : ٱرْدُدْ علينا أخانا ، انتهى ، وهو حسن .