Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 5-7)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَءِذَا كُنَّا تُرَاباً أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } ، المعنى : وإِن تعجبْ ، يا محمَّد ، مِنْ جهالتهم وإِعراضِهِمْ عَنِ الحَقِّ ، فهم أهْلٌ لذلك ، وَعَجَبٌ غريبٌ قولُهم : أنعود بعد كوننا تراباً ، خلقاً جديداً ؛ { أُوْلَٰـئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ } ؛ لتصميمهم على الجُحُود وإِنكارهم للبَعْث ، { وَأُوْلَٰئِكَ ٱلأَغْلَـٰلُ فِي أَعْنَـاقِهِمْ } : أي : في الآخرة ، ويحتملُ أنْ يكون خبراً عن كونهم مغلَّلين عن الإِيمان ؛ كقوله تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً فَهِيَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ } [ يس : 8 ] . وقوله سبحانه : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ … } الآية : تبيينٌ لِخَطَئِهِمْ كطلبهم سقوطَ كِسَفٍ من السماء ، وقولِهِمْ : { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ } [ الأنفال : 32 ] ونحو هذا مع نزول ذلك بأناسٍ كثيرٍ ، وقرأ الجمهور : { المَثُلاَثُ } - بفتح الميم وضم الثاء - ، وقرأ مجاهد « المَثَلاَثُ » - بفتح الميم والثاء - أي : الأخذة الفَذَّة بالعقوبة ، ثم رجَّى سبحانه بقوله : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ } ، ثم خوَّف بقوله : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } : قال ابن المسيِّب : لما نَزِلَتْ هذه الآية ، قال رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : " لَوْلاَ عَفْوُ اللَّهِ وَمَغْفِرَتُهُ مَا تَهَنَّأَ أَحَدٌ عَيْشاً ، وَلَوْلاَ عِقَابُهُ لاتَّكَلَ كُلَّ أَحَدٍ " ، وقال ابن عبَّاس : ليس في القرآن أَرجَى من هذه الآية : { والمَثُلاَثُ } : هي العقوباتُ المنكِّلات التي تجعل الإِنسان مثلاً يُتَمَثَّلُ به ؛ ومنه التمثيلُ بالقَتْلى ؛ ومنه : المُثْلَةُ بالعبيد . ويقولون : { لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } : هذه من ٱقتراحاتهم ، والآية هنا يرادُ بها الأشياءُ التي سمَّتها قريشٌ ؛ كالمُلْكِ ، والكَنْزِ ، وغيرِ ذلك ، ثم أخبر تعالى بأنه منذر وهاد ، قال عكرمةُ ، وأبو الضُّحَى : المرادُ بـــ « الهادي » محمَّد صلى الله عليه وسلم ؛ فـــ « هَادٍ » عطفٌ على « منذر » ؛ كأنه قال : إِنما أَنْتَ مُنْذِرٌ وهادٍ لكلِّ قومٍ ، و « هاد » ؛ على هذا التأويل : بمعنى داعٍ إِلى طريق الهُدَى ، وقال مجاهدٌ وابنُ زَيْد : المعنى : إِنما أَنْتَ منذِرٌ ، ولكلِّ أُمَّة سَلَفَتْ هادٍ ، أي : نبيٌّ يَدْعُوهم ، أي : فليس أمرُكَ يا محمَّد ببدْعٍ ، ولا مُنْكَر ، وهذا يشبه غرَضَ الآية ، وقالَتْ فرقة : « الهَادِي » في هذه الآية : اللَّه عزَّ وجلَّ ، والألفاظ تَقْلَقُ بهذا المعنَى ، ويعرف أنَّ اللَّه تعالَى هو الهادِي من غير هذا المَوْضِعِ ، والقولانِ الأولان أَرْجَحُ ما تُؤُوِّلَ في الآية .